فتلففت بجلبابى ، ثم اضطجعت فى مكانى ، وعرفت أن لو قد افتقدت لرجع إلى ، فو الله إنى لمضطجعة إذ مر بى صفوان بن المعطل السلمى ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادى ، فأقبل حتى وقف علىّ ـ وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ـ فلما رآنى قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنا متلففة فى ثيابى ، قال : ما خلفك يرحمك الله؟ قالت : فما كلمته ، ثم قرب البعير ، فقال : اركبى ، واستأخر عنى. قالت : فركبت ، وأخذ برأس البعير ، فانطلق سريعا ، يطلب الناس ، فو الله ما أدركنا الناس ، وما افتقدت حتى أصبحت. ونزل الناس ، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بى البعير ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فاضطرب العسكر ، وو الله ما أعلم بشيء من ذلك.
ثم قدمنا المدينة ، فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة ، ولا يبلغنى من ذلك شىء ، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإلى أبوى ، لا يذكرون لى منه قليلا ولا كثيرا ، إلا أنى قد أنكرت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعض لطفه بى ، كنت إذا اشتكيت رحمنى ، ولطف بى ، فلم يفعل ذلك بى فى شكواى تلك ، فأنكرت ذلك منه ، كان إذا دخل علىّ وعندى أمى تمرضنى ، قال : كيف تيكم ، لا يزيد على ذلك ، حتى وجدت فى نفسى ، فقلت : يا رسول الله ، حين رأيت ما رأيت من جفائه لى : لو أذنت لى فانتقلت إلى أمى ، فمرضتنى؟ قال : لا عليك. فانتقلت إلى أمى ، ولا علم لى بشيء مما كان ، حتى نقهت من وجعى بعد بضع وعشرين ليلة. وكنا قوما عربا ، لا نتخذ فى بيوتنا هذه الكنف التى تتخذها الأعاجم ، نعافها ونكرهها ، إنما كنا نذهب فى فسح المدينة ، وإنما كانت النساء يخرجن