أصحابك إلى أهل نجد ، فدعوهم إلى أمرك ، رجوت أن يستجيبوا لك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنى أخشى عليهم أهل نجد ، قال أبو براء : أنا لهم جار ، فابعثهم ، فليدعوا الناس إلى أمرك.
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم المنذر بن عمرو ، أخا بنى ساعدة ، فى أربعين رجلا من أصحابه من خيار المسلمين. فساروا حتى نزلوا بئر معونة ، وهى بين أرض بنى عامر وحرة بنى سليم ، كلا البلدين منها قريب ، وهى إلى حرة بنى سليم أقرب.
فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلى عدو الله عامر بن الطفيل ، فلما أتاه لم ينظر فى كتابه ، حتى عدا على الرجل فقتله ، ثم استصرخ عليهم بنى عامر ، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : لن نخفر أبا براء ، وقد عقد لهم عقدا وجوارا ، فاستصرخ عليهم قبائل من بنى سليم ، فأجابوه إلى ذلك ، فخرجوا حتى غشوا القوم ، فأحاطوا بهم فى رحالهم ، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ، ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم ، يرحمهمالله ، إلا كعب بن زيد ، فإنهم تركوه وبه رمق ، فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا رحمهالله.
وكان فى سرح القوم عمرو بن أمية الضمرى ، ورجل من الأنصار ، فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر ، فقالا : والله إن لهذه الطير لشأنا ، فأقبلا لينظرا ، فإذا القوم فى دمائهم ، وإذا الخيل ، التى أصابتهم واقفة ، فقال الأنصارى لعمرو بن أمية : ما ترى؟ قال! أرى أن نلحق برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنخبره الخبر ، فقال الأنصارى : لكنى ما كنت لأرغب بنفسى عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو ، وما كنت لتخبرنى عنه الرجال ، ثم قاتل القوم حتى قتل.