هاشم ، وإن خرجتم معنا ، أن هواكم لمع محمد ، فرجع طالب إلى مكانه مع من رجع.
ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادى ، وبعث الله السماء ، وكان الوادى دهسا ، فأصاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض ، ولم يمنعهم عن السير ، وأصاب قريش منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم يبادرهم إلى الماء ، حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به.
ثم إن الحباب بن المنذر بن الجموح قال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ، ليس لنا أن تتقدمه ، ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأى والحرب والمكيدة؟ قال : بل هو الرأى والحرب والمكيدة. فقال : يا رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم ، فنزله ، ثم نغور ما وراءه من القلب ، ثم نبنى عليه حوضا ، فنملؤه ماء ، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لقد أشرت بالرأى. فنهض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معه من الناس ، فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ، ثم أمر بالقلب فغورت ، وبنى حوضا على القليب الذى نزل عليه ، فملأ ماء ، ثم قذفوا فيه الآنية.
ثم إن سعد بن معاذ قال : يا نبى الله ، ألا نبنى لك عريشا تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا ، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا ، كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى ، جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا ، فقد تخلف عنك أقوام ـ يا نبى الله ـ ما نحن بأشد لك حبّا منهم ، ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم ، يناصحونك ويجاهدون