ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أشيروا علىّ أيها الناس. وإنما يريد الأنصار ، وذلك أنهم عدد الناس ، وأنهم حين بايعوه بالعقبة ، قالوا : يا رسول الله. إنا برآء من ذمامك ، حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلينا فأنت فى ذمتنا ، نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا. فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه ، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم. فلما قال ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال : أجل. قال : لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت ، فنحن معك ، فو الذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته ، لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن نلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر فى الحرب ، صدق فى اللقاء. ففرح رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقول سعد ، ونشطه ذلك ، ثم قال : سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين ، والله لكأنى الآن أنظر إلى مصارع القوم.
ثم ارتحل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزل قريبا من بدر ، فركب هو وأبو بكر حتى وقف على شيخ من العرب ، فسأله عن قريش ، وعن محمد وأصحابه ، وما بلغه عنهم ، فقال الشيخ : لا أخبر كما حتى تخبرانى ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا أخبرتنا أخبرناك. قال : أذاك بذاك؟ قال : نعم قال الشيخ : فإنه بلغنى أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذى أخبرنى فهم اليوم بمكان كذا وكذا ، للمكان الذى به رسول