الشام ، فى عير لقريش عظيمة ، فيها أموال لقريش ، وتجارة من تجارتهم ، وفيها ثلاثون رجلا من قريش أو أربعون ، منهم : مخرمة بن نوفل بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة ، وعمرو بن العاص بن وائل بن هشام.
* * *
ولما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأبى سفيان مقبلا من الشام ، ندب المسلمين إليهم ، وقال : هذه عير قريش ، فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها ، لعل الله ينفلكموها. فانتدب الناس ، فخف بعضهم ، وثقل بعضهم ، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يلقى حربا. وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ويسأل من لقى من الركبان ، تخوفا على أمر الناس ، حتى أصاب خبرا من بعض الركبان : أن محمد قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ، فحذر عند ذلك ، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفارى ، فبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتى قريشا ، فيستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها فى أصحابه. فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة.
وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب ، قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال ، رؤيا أفزعتها فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب ، فقالت له : يا أخى ، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعتنى ، وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة ، فاكتم عنى ما أحدثك به. فقال لها : وما رأيت؟ قالت : رأيت راكبا أقبل على بعير له ، حتى وقف بالأبطح ، ثم صرخ بأعلى صوته : ألا انفروا بالغدر (١) لمصارعكم ، فى ثلاث ، فأرى الناس اجتمعوا إليه ، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه ، فبينما
__________________
(١) غدر : جمع غدور.