فأما عبد الله بن أبى ، فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ، ثم يملكوه عليهم ، فجاءهم الله تعالى برسوله صلىاللهعليهوسلم ، وهم على ذلك ، فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ، ورأى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد استلبه ملكا ، فلما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام ، دخل فيه كارها مصرّا على نفاق وضغن.
وأما أبو عامر فأبى إلا الكفر والفراق لقومه ، حين اجتمعوا على الإسلام فخرج منهم إلى مكة ببضعة عشر رجلا ، مفارقا للإسلام ولرسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تقولوا : الراهب. ولكن قولوا الفاسق.
وكان أبو عامر أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قدم المدينة ، قبل أن يخرج إلى مكة ، فقال : ما هذا الدين الذى جئت به؟ فقال : جئت بالحنيفية دين إبراهيم. قال : فأنا عليها. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنك لست عليها. قال : بلى. قال : إنك أدخلت يا محمد فى الحنيفية ما ليس منها قال : ما فعلت ، ولكن جئت بها بيضاء نقية. قال : الكاذب أماته الله طريدا غريبا وحيدا ـ يعرض برسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أجل ، فمن كذب فعل الله تعالى ذلك به. فكان هو ذلك عدو الله ، خرج إلى مكة ، فلما افتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة خرج إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام ، فمات بها طريدا غريبا وحيدا.
* * *