استعمل الإمام الهادي عليهالسلام كلمة بنان كناية عن اليد ، لأنَّ البنان جزء منها ، وبها تحمل آلة الحرب من : السيف ، والرمح ، والحراب ، والقوس ، والنبال ، وهي التي تمارس الضرب ، والطعن ، والرمي ، وبها تدار فنون القتال ، وقد عرف الإمام علي عليهالسلام بما له من أثر واضح بيِّن في الحروب التي شارك فيها ، إذ يعجِّل بإخماد لهبها بما يحققه من نصر عاجل ساحق ، يصرح أبطال المشركين ، والبغاة ، ويخترق صفوفهم بإقدامه ، ويصمد أمام هجماتهم ، مما يؤدي إلى انهيار مقاومتهم ، ثم انهزامهم ، وانتصار المسلمين عليهم.
والإمام علي عليهالسلام لا يقاتل أحداً بدون حجة ، فهو ببيانه البليغ يبيِّن وجه الحق ، ويكشف زيف الباطل ، ويبطل ما علق في الأذهان من الشبهات ، وهو بذلك يفتح طريق الحق لسالكيه ، فلا يبقي عذراً لمعتذر ، وليس ذلك مختص بموقفه مع الخوارج ، بل جرت سيرته في جميع حروبه على هذه الشاكلة ، وعندما تكون الشبهة مصطنعة يقصد بها إغواء الناس ، وإغراؤهم ، نراه يتعامل معها بأسلوبه الرصين في الإحتجاج ، فيبطلها ، ليميز بين الحق والباطل ، وهذا ما فعله يوم الجمل في احتجاجاته المتعددة ، وفي احتجاجات من أرسلهم من رسل ليرشدوا القوم إلى طريق الحق ، والصراط المستقيم ، وفعلا لأمر ذاته يوم صفين.
ومن استعرض سيرة الإمام علي عليهالسلام ، وجد أنَّه لا يتصرف إلّا وفق أحكام الشريعة المقدسة ، يهتدي بهدي الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو يعمل بإخلاص ، وحرص شديدين على أن يتوخى رضا الله عزوجل في جميع تصرفاته ، أمّا أن يرضى الناس بذلك ، أم يسخطوا منه ، فليس هذا من همِّه ، ولا يخطر له على بال ، إنَّما همه الوحيد أن يحملهم على الحق : يأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر ، ويؤدي