والشيعة ـ اقتداءً بأهل البيت عليهمالسلام ـ اعتبروا هذا التصرف من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دليلاً عملياً من أدلة إمامته ، وتقديمه للخلافة بعده ؛ لأنَّ سيرة العقلاء جارية على تقديم الأفضل ، والأكثر كفاءة ؛ ولأنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يصدر في جميع تصرفاته عن أمر الله تعالى ، بدون أي أثر للعاطفة وما شاكلها من المؤثرات التي يصدر عنها الناس عادة في تصرفاتهم ، فاعتبروا ذلك سنة عملية ، وبه دعموا غيره من الأدلة العقلية ، والأدلة النقلية ، التي اقتبسوها من الكتاب العزيز ، والسنة النبوية الشريفة.
والدلالة على أحقيته عليهالسلام للخلافة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واضحة من هذه السنة العملية ؛ فمن تكرر اختياره للإمارة ، ولم يؤمَّر عليه أحد ، أحق بالخلافة ممّن كان دوماً تحت إمرته ، وإمرة غيره ، والمسلمون يُجمعون على أنَّ السيرة العملية للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم سنة ، يجب الأخذ بها ، وقد استدل بعض علماء السنة بما نقل من استدلال عمر يوم السقيفة ، من أنَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قدم أبا بكر للصلاة بالمسلمين ، ولما كان قد رضيه لأمور دينهم ، فهو يصلح للتقديم لأمور دنياهم ، على أنَّ تقديم أبي بكر للصلاة أمر تدور حوله الشكوك ، والتحقيق يدل على أنَّه لم يكن بأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بدليل خروجه إلى الصلاة على ما به من ضعف ومرض ، لينحي عنها أبا بكر ، ويقيمها بنفسه ، على أنَّ إمامة الصلاة يشترط بها عند السنة صحة القراءة فقط ، ويضيف الشيعة شرط العدالة ، وكلا هذين الشرطين لا يقتضيان الصلاحية للولاية ، إذا لم تتحقق لها الشروط الأخرى.