مقابلة الإحسان بالإحسان ، والإساءة بالإساءة ، ويميل إلى الجزع عند النوائب ، وما شاكل ذلك من النزعات الذاتية ، التي لا يملك الإنسان زمام نفسه عندما يواجهها ، إلّا إذا كان مؤمناً ، قد روَّض نفسه على مخالفة الهوى ، والصمود أمام الصعاب والمكاره.
وقد تم شرح مضمون هذه الفقرة في موضوع : (من مظاهر إيمان الإمام علي عليهالسلام) (١) ، ولا مزيد على ما ذكر هناك.
يجمع هذه الصفات عنوان واحد هو (الشدائد) ، والصبر عند الشدائد من سمات المؤمنين.
والجزع من نزعات النفس البشرية ، وهو يؤدي إلى الإنهيار ، والفشل ، والوهن ، فيصيب الإنسان الجزوع ما لا يحمد عقباه بوهنه ، وانهياره أمام الشدائد التي تلم به.
أمّا الصابر فإنَّه يقف أمام الشدائد بحزم وثبات ، ويتعامل معها بتعقّل وروية ، ويصل بذلك إلى أحد أمرين : فإمّا أن لا يضيف إلى مصيبته مصيبة أخرى ، بما يجنب نفسه من نتائج الجزع. أو يتخلص ممّا حلَّ به بالثبات ، وحسن التصرف.
والصبر من الصفات الحميدة التي يؤجر الله تعالى عليها عباده : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)(٢) ، وقال تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(٣) إلى غير ذلك ممّا وعدهم الله تعالى ، وأعده لهم.
ويتجلى الصبر بأعلى مراتبه في سيرة الإمام علي عليهالسلام ، وهو يواجه أحرج
__________________
(١) راجع ص ١٥٩.
(٢) الزمر ٣٩ : ١٠.
(٣) البقرة ٢ : ١٥٥.