واخترقت كل ما أحيط
حولها من حجب بفضل إخلاصه لله عزوجل متمثلاً بعمله الصالح ، وحرصه على التقوى ،
ومجانبة الهوى ، ما جعل سيرته دروساً وغبر ، تتدارسها الأجيال على مدى القرون
المتطاولة لتنهل من معينها.
ولم يبق تقديس الإمام علي عليهالسلام ، ودراسة شخصية
وقفاً على شيعته ، أو على سائر المسلمين فحسب ، بل وجد كلّ أبناء البشرية ـ على
اختلاف أديانهم وميولهم ـ من مصلحين ومفكرين في سيرته العطرة العبر والعظات ، وما
هو جدير بالدراسة والعناية ، وقد تبارى كثير ممن لا ينتمي إلى الإسلام ليتدارسوا
سيرته ، فتناولوها بالشرح والتحليل وووقفوا عندها موقف إجلال ، وإكبار ، وتقديس ،
فاستخلصوا منها دروساً قيمة ، ونعوا على أبناء عصره جهله م وعنادهم لمفارقتهم إياه
، وعدم استفادتهم من علومه.
وحسب الإمام علي عليهالسلام عزّاً ، وشرفاً ،
وفخراً ، ورفعة ، وعلو منزلة أن يقترن اسمه باسم المنقذ الأكبر للبشرية والرسول
المصطفى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وتقترن شخصيته بشخصيته ، وأن يكون البحث عن سيرة أحدهما يستدعي ويستلزم البحث عن
سيرة الآخر ؛ لأنَّه معجزة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
المواسي له بنفسه ، والذي يقتدي به في جميع تصرفاته ، وبالتالي فهو مفتاح شخصيته.
إنَّ هذه السيرة العطرة هي مركز إشعاع
حرك أقلام المفكرين ، والعلماء ، والأدباء ، فألفوا الكتب ، وأعملوا الفكر ،
ليرسموا للبشرية صوراً ملؤها العظات ، والدروس ، والعبر ، كما حرك قرائح الشعراء
فانبروا ينشدون للأجيال نشيد العطاء ، والعمل الصالح ، والمثال الذي ينبغي أن
يحتذي به المخلصون.
أما الجزاء الأخروي الذي وعد الله تعالى
به عباده المؤمنين ، وأعده لهم من لطفه وكرمه ، فقد نال منه الإمام علي عليهالسلام ما يليق بما قدّمه
من عمل صالح ، كما