الرفيعة ، والمنزلة العظيمة عند الله عزوجل جزاء إيمانه به ، وإخلاصه له ، وتقواه ، وجهاده.
وإذا كان أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كذلك ، فبديهي أنَّ كل من له صلة به ، لا ينتفع بها ما لم يدعمها بالتقوى ، والصلاح ، والسير على هديه ، ونهجه القويم ، لأنَّ الإيمان قد قرَّب الأبعدين منه ، فكان سلمان الفارسي محمدياً ، قال عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سلمان منا أهل البيت» ، لأنَّه آمن ، واتقى ، وأخلص لله عزوجل ، وأبعد عنه عمه أبا لهب ، فلم تبقَ بينهما صلة ، وكما ذمَّ الذكر الحكيم أبا لهب ، فإنَّه امتدح أناساً كانوا على بعد في النسب معه ، وبعضهم من غير العرب ، لم يجمعهم لسان ، ولكن الإيمان جمعهم ، ولقد أثنى القرآن على المهاجرين الأولين ، وبينهم : صهيب ، وبلال ، وعمار ، كما امتدح الأنصار ، ومن بايعوا تحت الشجرة بيعة الرضوان ، والبدريين ، وهؤلاء استحقوا المدح بإيمانهم وجهادهم ، ولم يستحقوه بنسب يجمعهم مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فحسب.؟
أما إذا اجتمعت وشائج النسب مع الإيمان والتقوى ، كانت من أعظم الفضائل ، وأكثرها شرفاً ، وهي منزلة رفيعة ، ودرجة سامية ، لا ينالها إلّا ذو حظ عظيم ، وقد تم ذلك لعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، والتسعة المعصومين من ذريته عليهمالسلام ، وهم أهل البيت الذين فرض الله تعالى طاعتهم ، ومودتهم ، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فعصمهم من الذنوب.
وسيرة أهل البيت عليهمالسلام تثبت أنَّهم لم يفارقوا سيرة النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث كانوا يقتفون أثره في ملازمه الحق ، ويتحرون تطبيق الكتاب العزيز ، والسنة النبوية الشريفة في تفكيرهم ، وأقوالهم ، وأفعالهم ، مخلصين لله تعالى ، لا يشركون به أحداً ، ولا يرقبون أحداً ، ولا يخافون لومة لائم ، ولا يثنيهم عن الحق شي ، لأنَّهم أمناء الله عزوجل في الأرض من بين عباده ، ينيرون الدرب للسالكين إليه ، ويعلمون الناس معالم دينهم ، ويرشدونهم إلى ما فيه الخير والصلاح ، لأنَّهم تراجمة وحي الله