فأنصفونا إن كنتم
تؤمنون ، وإلّا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون ».
وقال عليهالسلام
لأبي عبيدة : «الله .. الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن
داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس
وحقه ، فوالله ـ يا معشر المهاجرين ـ لنحن أحق الناس به ، لأنّا أهل البيت ، ونحن
أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا : القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ،
العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الأمور السيئة ،
القاسم بينهم بالسوية ، والله إنَّه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى ، فتضلوا عن سبيل
الله ، فتزدادوا من الحق بعداً ».
قال ابن قتيبة : وخرج علي كرم الله وجهه
يحمل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
على دابة ليلاً في مجالس الأنصار ، تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله
، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنَّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما
عدلنا به.
فيقول علي كرم الله وجهه : «أفكنت أدع
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
في بيته ، لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟!».
فقالت فاطمة : «ما صنع أبو الحسن إلّا
ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه ».
يتبين لنا مما تقدم أنَّ الإمام علياً عليهالسلام ترك الخلافة حفاظا
على الدين ، وإبقاءً على معتنقيه ، خوفاً من ردتهم ، وقد طلب بلسانه ما لم يتيسر
له طلبه بالقوة ، فبين
__________________