.................................................................................................
__________________
بيعه وإجارته عن بعض أهل الدقة ـ ووافقه بعض الأجلة ـ من المنع عن جعل المتعلق في إجارة الأعيان هو المنفعة ، بل لا بد أن يكون تمليك العين في جهة خاصة. ومحصل الاشكال : أن المقصود من تمليك المنفعة تسليط الطرف المقابل على حيثية من حيثيات العين ذات المنفعة كالدار للسّكنى فيها ، والدابة للركوب عليها. وهذا مما يمتنع تحققه ، لعدم كون السكنى من أعراض الدار حتى تكون مملوكة لمالك الدار بتبعها ، بل هي عرض قائم بالساكن ، وعرض الساكن لو كان مملوكا لكان لموضوعه لا لغيره ، وإذا لم يملكه الموجر فكيف يملكه المستأجر؟
ولأجله لا بد من تعريف الإجارة بأنها «تمليك العين في جهة خاصة في مدة مخصوصة» في قبال البيع الذي هو تمليك العين من جميع الجهات بلا تقيد بجهة ولا مدّة (١).
وهذا الاشكال ـ لو تمّ ـ منع عن تمليك المنفعة وحدها ، بل يتعين تمليك العين في جهة استيفاء منفعتها ، ولا فرق في كون الاستيفاء عرضا قائما بمن يستوفيها ـ لا بالعين التي تقع موردا للإجارة ـ بين جعل المنفعة معوّضا كما في باب الإجارة ، وبين جعلها عوضا كما في البيع. ولا يقدح اختلافهما في قصر السلطنة في الأوّل على حيثية معيّنة من العين ، وشمولها في الثاني لجميع شؤونها ، ووجه عدم الفرق استحالة تمليك المنفعة وحدها.
وأجاب عنه المحقّق الأصفهاني قدسسره بمنع مبنى العدول عن تعريف المشهور للإجارة إلى تعريفها بتمليك العين في جهة خاصة. ومحصّل ما أفاده : ـ بتوضيح منّا ـ أنّ سكنى الدار ليست عرضا قائما بالمستأجر خاصة حتى يتوهم عدم مملوكيتها للموجر حتى يمتنع تمليكها للمستأجر ، بل سكنى الدار كما هي مبدأ لعنوان الساكنية المنتزع من ذات الساكن ـ أي المستأجر ـ كذلك هي مبدأ لعنوان المسكونية المنتزع من الدار ، كما هو حال كل عنوانين متضايفين ، فما هو من شؤون الدار وحيثياتها هي حيثية المسكونية ، لا حيثية
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ص ٧ (رسالة الحق) ، كتاب الإجارة ، ص ٥.