بل قد يقال (١) بأنّ الآية دالّة عرفا بالمطابقة على صحة البيع ، لا مجرّد الحكم التكليفي (٢).
لكنه محل تأمّل (٣) (*).
______________________________________________________
(١) هذا هو التقريب الثاني من وجوه الاستدلال بالآية الشريفة على مملكية المعاطاة ، ولعلّه مختار من يقول بقابلية الأحكام الوضعية للجعل الاستقلالي ، وأنّ الحلّية لو كانت ظاهرة بدوا في خصوص التكليف ، إلّا أنّ ذلك منوط بتعلّقها بالتصرّف الخارجي كالأكل والشرب ، وأمّا إذا تعلقت بالتصرف الاعتباري من عقد أو إيقاع فلا ، حيث إنّ الحلّ الوضعي عبارة عن نفوذ متعلقة وتأثيره في الأثر المقصود ، فالبيع المقصود به التمليك تكون صحته عبارة عن تأثيره في الملكية ، فالآية الشريفة حينئذ يكون مدلولها المطابقي إفادة البيع للملكيّة ، وقد تقدّمت فرديّة المعاطاة للبيع وصغرويّتها له ، فتشملها آية الحلّ.
وبهذا ظهر وجه الإضراب المستفاد من قوله : «بل قد يقال» لأولوية استظهار صحة البيع المعاطاتي من الآية الشريفة بالمطابقة من استظهارها بالدلالة الالتزامية المتفرعة على تمامية الدلالة المطابقية ، فلو نوقش في دلالة الآية على حلية التصرفات المترتبة على البيع امتنع إثبات مملّكية المعاطاة كالبيع القولي ، وهذا بخلاف ظهور الحلية ابتداء في الوضع.
(٢) وهو إباحة التصرفات ـ المترتبة على البيع ـ المستلزمة لصحته.
(٣) وجهه : أنّ حمل الحلّ على الوضعي خلاف الظاهر ، لظهوره في التكليفي ، ولا بدّ حينئذ من تعلّقه بالتصرفات مطلقا خارجية كانت أم اعتبارية ، إذ لا يتوهم حرمة إنشاء البيع حتى يدفع بقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) فلا بدّ أن يتعلق بالتصرفات. فالآية الشريفة تدل بالدلالة المطابقية على حلية التصرفات تكليفا ، وبالدلالة الالتزامية على حلية البيع وضعا.
__________________
(*) قد عرفت مفصّلا أنّه ظاهر الآية الشريفة ، ولا ينبغي التأمل فيه. ودعوى ظهور «الحلّ» في التكليفي استنادا الى الوجوه المتقدمة قد عرفت ما فيها ، فلاحظ وتدبّر.