الأصل كما عن المصباح (١)
______________________________________________________
تعريف البيع لغة
(١) قال في المصباح : «والأصل في البيع مبادلة مال بمال ، لقولهم : بيع رابح وبيع خاسر ، وذلك حقيقة في وصف الأعيان ، لكنه أطلق على العقد مجازا ، لأنّه سبب التمليك والتملك ، وقولهم : صح البيع أو بطل ونحوه : أي صيغة البيع ، لكن لمّا حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ـ وهو مذكّر ـ أسند الفعل إليه بلفظ التذكير» (١).
ويستفاد من كلامه : أن كلمة «البيع» تطلق على أمرين ، أحدهما حقيقي ، وهو المبادلة بين المالين ، وثانيهما مجازي ، وهو العقد المؤلّف من الإيجاب والقبول ، من باب إطلاق اللفظ الموضوع للمسبّب على سببه. وعلى هذا فالمراد بالأصل بقرينة قوله : «أطلق على العقد مجازا» هو المعنى اللغوي الحقيقي الذي كان متداولا في الأيام السالفة بين عامّة الناس. ولعلّ الوجه في التنبيه على مجازية إطلاقه على العقد هو شيوع هذا الإطلاق بحيث ربما يتوهم كون البيع مشتركا بين المبادلة والعقد ، أو كونه منقولا عن المعنى الأوّل إلى الثاني (*).
__________________
(*) وقد يقال : بإمكان إرادة معنى آخر من الأصل «وهو ما كان متعارفا في الأيام السالفة من كون البيع عبارة عن مطلق المبادلة بين الأموال ، بديهة أنّه لو كان غرض الفيّومي من هذه الكلمة هو اللغة لوجب أن يصدّر كلامه بلفظ الأصل عند شرح كل مادة ترد عليه. وقد وقع التصريح بما ذكرناه في لسان العرب ومجمع البحرين في مادة المال» (٢).
لكن قد يشكل بأنّ كون البيع في الأيام السالفة عبارة عن مطلق المبادلة بين المالين لا ينافي إرادة الموضوع له من «الأصل» بعد مقابلته للمعنى المجازي بقوله : «ثمّ أطلق على العقد مجازا» لصلاحية هذه المقابلة للقرينية على إرادة المعنى بحسب الوضع الأوّلي من كلمة
__________________
(١) المصباح المنير ، ج ١ ، ص ٦٩.
(٢) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ١٠.