ثم إنّ ما ذكرنا (١)
______________________________________________________
(١) يعني : من تعريف البيع ب «إنشاء تمليك عين بمال» وغرضه بيان أمرين :
الأوّل : أنّ البيع الذي يكون أصلا للمشتقات هو البيع بمعناه المصدري ، الذي هو فعل البائع ، في قبال الشراء الذي هو فعل القابل ، لا البيع بمعناه الاسمي ، فإذا قال : «بعت» فمعناه : أنشأت البيع ، وهذا هو مختار المصنف قدسسره في تعريف البيع ، حيث قال : «إنه إنشاء تمليك عين بمال».
الثاني : عدم منافاة التعريف المزبور لإطلاق البيع على معان آخر ، ورجوعها إلى المعنى الذي اختاره ، وهو : إنشاء تمليك عين بمال ، كما سيتّضح عند تعرّضها في المتن.
هذا إجمال الأمر ، والمقصود الأصلي النظر في كلام صاحب المقابس قدسسره ، حيث إنّه ادّعى إطلاق البيع حقيقة على معان أربعة ، وجعل ثانيها : إنشاء التمليك الذي يكون بيد البائع.
وأوّل تلك الإطلاقات هو : إنشاء تمليك البائع ، وإنشاء تملك المشتري ـ لكون البيع من الأضداد ـ لكن بشرط انضمام أحدهما إلى الآخر ، فلو لم يتعقب إنشاء البائع بقبول المشتري لم يطلق على إنشاء البائع : أنه بيع.
وثانيها : إنشاء التمليك ، الذي هو فعل البائع.
وثالث تلك المعاني هو النقل المترتب على الإيجاب والقبول.
ورابعها : نفس العقد المؤلّف من الإيجاب والقبول. والفرق بين هذا الإطلاق الأخير وبين إطلاقه على إيجاب البائع بشرط تعقبه بتملّك المشتري هو دخل القبول شرطا في الأوّل ، وشطرا في الأخير.
هذا ما أفاده صاحب المقابس من إطلاق البيع على معان أربعة (١) ، وقد سبقه في التنبيه عليه شيخه الفقيه كاشف الغطاء قدسسره في شرح القواعد ، حيث قال ـ بعد تعريف البيع بالانتقال كما في القواعد ـ ما لفظه : «وقد يراد به ـ أي البيع ـ مجموع النقلين في العوضين أو الانتقالين ، أو مجموع كلا القسمين ، أو ما دلّ على النحو السابق وإن لم يوافق ما أريد به في هذا الكتاب. وعلى نحو اختلاف التعريفات اختلفت الإطلاقات ، فمرّة يقع الشراء قسيمه ، ومرّة قسمه ، ومرّة جزأه. ويتعيّن الأوّل عند تعاطفهما ، والثاني إذا أريد النقل بالنحو الخاص ، والثالث إذا
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٢