.................................................................................................
__________________
وبهذا الوجه تخلّص المحقق النائيني قدسسره عن الإشكال الآتي بيانه في التمسك بإطلاق أدلة الإمضاء ـ لفظيا أو مقاميّا ـ من أنّ حلية معاملة كالبيع هل تقتضي حلية كل ما يتسبب به أم لا؟ وذلك لأنّ معنى صحة البيع ـ بناء على هذا المسلك ـ صحة إيجاده بكل ما يكون إيجادا له بنظر العرف. هذا.
وذهب شيخنا المحقق العراقي قدسسره الى أنّ المائز بين الإخبار والإنشاء ليس هو قصد الحكاية والإيجاد كما ذكروه ، بل كما أنّ بينهما جهة مشتركة وهي الدلالة على إيقاعية النسبة ـ خلافا للمركّبات الناقصة ـ فكذا يفترقان في أنّ المحكي في الجملة الخبرية مبدأ ثابت فارغا عن ثبوته ، وأنّ المحكي في الجملة الإنشائية إيقاع المبدأ ، الملازم لعدم وجود نسبة خارجية تطابقه النسبة الكلامية أو لا تطابقه. فإذا قال : «بعتك» إخبارا كان المتبادر منه إبراز نسبة ثابتة محفوظة في قبال كونه إنشاء ، إذ المتبادر منه إبراز نسبة إيقاعية أوجدها المستعمل في وعائها المناسب لها.
وحيث كانت الحكاية والإبراز عمّا في الضمير مأخوذة في استعمال الجملة في الإخبار تارة والإنشاء اخرى جرى فيهما قصد الجدّ والهزل ، ويكون قصد الإيجاد من أطوار الإنشاء لا مقوّما له ، وإلّا لزم لحاظ الإيجاد مرّتين لو قصد موجديّة الإنشاء لمضمونه ، وهو خلاف الوجدان (١).
وبهذا البيان يجاب عن بعض ما أورده القائل بالايجادية على هذا القول أعني به اشتراك الإنشاء والاخبار في جهة الإبراز والحكاية ، وافتراقهما في المبرز والمحكي.
ورتّب قدسسره على هذا المبنى كون الإنشاء في باب الأحكام التكليفية من وسائط إثبات الإرادة ، لأنّ قول المولى «صلّ» مثلا يدل على إيقاع المادة ـ أعني بها الصلاة ـ على المخاطب ، وهذه النسبة الإيقاعية من لوازم الطلب القائم بنفس المولى ، فيكون «صلّ» مبرزا لذلك الطلب الحقيقي ، ويترتب على هذا الإبراز الوجوب والبعث والتحريك ونحوها من العناوين ، فلا توجد هذه العناوين بنفس الإنشاء ، بل توجد بإبراز الطلب النفساني الذي يكون إبرازه منشأ لاعتبار عنوان الوجوب والبعث مثلا ، فالإنشاء واسطة في إثبات الوجوب ، لا واسطة ثبوتية له.
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ٢٥ (الطبعة الحجرية) ، نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٥٦ الى ٥٨