.................................................................................................
__________________
التعاطي ، سواء تصرّف فيه بما يتوقف على الملك أم لا.
هذا ما يتعلق بالوجه الأوّل الذي استظهره المصنف قدسسره من الآية الشريفة.
الوجه الثاني : ـ الذي لم يتعرض له في المتن ـ هو : أن المراد من الأكل التملك ، فإنّه الشائع بعد الصرف عن ظاهره ، للقطع بعدم إرادته بالخصوص في المقام ، لوضوح عدم إرادة خصوص المأكولات هنا ، وهذا النحو من الاستعمال متعارف في القرآن الكريم وكلمات الفصحاء. وإرادة «التملك» أظهر من إرادة «التصرف» الذي هو مبنى الوجه الأوّل. إذ «التجارة عن تراض» إنّما تكون من الأسباب الناقلة للملك ، فتملّك الأموال لا بدّ أن يكون بها ، فإنّ التجارة تناسب الملكية ، لا مجرّد جواز التصرف تكليفا.
وكيف كان فمفاد الآية ـ بناء على كون الأكل كناية على التملك ـ : أنّه يحرم عليكم تملّك أموال الناس إلّا بالتجارة عن تراض. والمراد بالتجارة هي العرفية ، كما هو شأن كل موضوع عرفي يقع في حيّز حكم من الأحكام ، ومن المعلوم أنّ المعاطاة تجارة عرفية ، فيشملها المستثنى ، فيجوز تملك الأموال بالمعاطاة.
وعليه فالآية بهذا التقريب تدل بالدلالة المطابقية على المقصود وهو إفادة المعاطاة للملك. كما أن تقريب الاستدلال بها على الوجه الأوّل يكون بالدلالة الالتزامية ، على ما عرفت مفصّلا.
بقي التعرض لأمر ، وهو : أنّ الاستثناء متصل أو منقطع ، وما يترتب عليه من إفادة الآية حصر السبب المملّك في التجارة عن تراض وعدمها ، فنقول : لم يظهر من المصنف قدس سره هنا أحد الأمرين ، لكنه صرّح بانقطاع الاستثناء في ردّ أدلة بطلان بيع الفضولي ، وهو المحكي عن جمع من المفسّرين. والظاهر أنّه كذلك ، إذ لا معنى لكون التجارة عن تراض سببا للملكية مع انطباق عنوان الباطل عليها. فإنّ عقد المستثنى منه وإن دلّ على العموم ، إذ ليس شيء من الأكل بالباطل مرخّصا فيه ، لكنه لا يدل على حصر محلّل الأكل في التجارة عن تراض.
ولا فرق في هذه الجهة بين كون «تجارة» مرفوعا ـ كما عن الكوفيين ـ بناء على أنّ «كان» تامّة ، يعني : إلّا أن تقع تجارة عن تراض ، إذ من المعلوم أنّ التجارة كذلك ليست من جنس