.................................................................................................
__________________
الثاني : ما تقدّم من أنّ الحلّ التكليفي يمتنع أن يشمل جميع التصرفات ، لاختلافها سنخا وحكما ، فإنّ وجوب الإنفاق على الدابة المبيعة أو حرمة العمل عليها مما لا يمكن تناول الحلّ التكليفي له. والالتزام بحلية بعض التصرفات دون بعضها بلا ملزم وبلا دليل يقتضيه. ودعوى «شمول الحلّ لجميع التصرفات ، غاية الأمر أنّه يخرج بعضها ـ كوجوب الإنفاق وحرمة الصرف في المعصية ـ بالدليل ، فيخصّص عموم حلّ التصرفات بالدليل الخارجي» غير مسموعة ، لمنافاة التخصيص للامتنان المناسب للمعلوم ، ولمنافاته أيضا لما يقتضيه حذف المتعلق من إرادة العموم.
مضافا إلى : عدم الحاجة الى إثبات الحلّ التكليفي بالآية المباركة بعد ثبوته بأدلة تشريع تلك التصرفات ، فيلزم إمّا المحال وهو إيجاد الحاصل ، وإمّا ارتكاب خلاف الأصل ، وهو التأكّد.
الثالث : أنه لو سلّم دلالة الآية الشريفة على جواز البيع وضعا وتكليفا ، أو قلنا بدلالتها على حلية التصرفات واستكشفنا منها الملكية من أوّل الأمر ، لكنّها لا تشمل المعاطاة ، لعدم صدق البيع عليها ، إذ لا يخلو إمّا أن يكون البيع من مقولة اللفظ أو من مقولة المعنى. وعلى التقديرين لا يصدق مفهوم البيع على المعاطاة.
أمّا على الأوّل فواضح. وأمّا على الثاني فلأنّ البيع وإن كان من مقولة المعنى ، لكن صدق عنوان البيع عليه يتوقف على إبرازه باللفظ ، لأنّ الكلام النفسي مدلول الكلام اللفظي. ومن المعلوم أنّ المعاطاة لم تبرز باللفظ ، فتكون خارجة عن حدّ البيع ، فلا وجه للاستدلال على مملّكيّتها بآية الحلّ ، هذا.
وفيه : أنّ البيع ليس اسما لمجرّد اللفظ ، وإلّا يلزم تحققه بلفظ «بعت» بدون الإنشاء. وليس أيضا اسما للاعتبار النفساني غير المبرز بمظهر خارجي ، وإلّا لزم تحققه بنفس الاعتبار وإن لم يكن مبرزا خارجا ، بل البيع هو الاعتبار النفساني المبرز بمظهر خارجي سواء أكان لفظا أم فعلا ، ولا دليل على حصر المبرز في اللفظ خاصة.