.................................................................................................
__________________
مالا عند العقلاء أم لا كالحشرات ، فإذا لم يكن المبيع مما يرغب فيه النوع الذي هو المناط في مالية الأشياء لا الرغبات الشخصية واشتراه بأغلى الثمن صدق عليه مفهوم البيع. كما إذا اشترى أحد تصوير جدّه أو خطّه لرغبته في حفظه ، ولم يكن بنظر العقلاء يساوي فلسا صحّ شراؤه. والمعاملة وإن كانت سفهية ، إلّا أنّه لا دليل على بطلانها ، بعد ما شملتها أدلة الإمضاء ، والفاسد شرعا معاملة السفيه من جهة الحجر لا المعاملة السفهية. وعليه فأخذ المال في تعريف المصباح مبني على المسامحة ، إذ لا تعتبر المالية فيه عرفا وشرعا ، ولو سلّم قيام الدليل الشرعي على اعتبار المالية فيه كان ذلك حكما تعبديا غير مرتبط بمفهوم البيع حتى يؤخذ في تعريفه» (١).
فلا يخلو من غموض ، ودعوى دخل المالية في مفهوم البيع عرفا قريبة جدّا ، ودخلها شرعا في الصحة والنفوذ ليس لتعبد خاص ، بل لتوقف صدقه على ذلك ، لأنّ المقصود بالبيع هو المعاملة الاعتبارية التي يتداولها العقلاء لغرض تسديد حوائجهم وتمشية أمورهم ، وهذا هو موضوع أدلة الإمضاء ، ومن المعلوم أنّ ما لا يتنافس العقلاء على اقتنائه ولا يرغبون في تحصيله لعدم ترتب فائدة عليه لا يتعاملون عليه ، إذ لا غرض يتعلق بالمبادلة بين ما يكون فاقدا لمناط المالية ، فيصح سلب عنوان البيع عن تبديل مقدار من الثلج بمثله في فصل الشتاء في منطقة جليدية ، وعن تبديل كأس من ماء النهر بمثله على الشاطئ ، ونحو ذلك ، بل نفس هذا التبديل لغو بحيث لو صدر من بعضهم كان سفهيّا.
والحاصل : أنّ البيع ماهية اعتبارية تدور في كل مورد مدار اعتبار العقلاء وتبانيهم ، وليس التبديل بين ما لا يتعلّق غرضهم بتحصيله بيعا. وحيث اعتبر مالية العوضين في صدق مفهومه فدخلها في البيع النافذ شرعا أمر مفروغ عنه. ولا أقل من كون الشبهة مفهومية ، ولا مجال حينئذ للتمسك بالإطلاقات.
هذا بحسب الكبرى. وأما خصوص المثال المذكور في كلامه قدسسره من بذل الثمن بإزاء
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ٢٤.