لكن المبنى المذكور غير تام في نفسه ، على ما يأتي في مبحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
هذا كله مع العلم بسبق التكليف بالتام تعيينا ، بحيث لا يجوز تعجيز النفس عنه ، أما لو احتمل التكليف به من أول الأمر تخييرا ، بحيث يجوز التعجيز عنه ، لاختصاص ملاكه بحال القدرة عليه ، فليس المتيقن سابقا هو التكليف بالتام بنحو يسقط بالتعذر ، ويحتمل حدوث تكليف آخر بالناقص ، بل التكليف بالباقي في الجملة إما مقيدا بالمتعذر لا غير فيسقط بالتعذر ، أو مخيرا بينه وبين المطلق في حال التعذر ، فيبقى مع التعذر ، ولا يبعد حينئذ جريان استصحاب التكليف بالميسور على ما هو عليه من الترديد والإجمال ، لصلوحه للداعوية ظاهرا ، نظير ما تقدم في مناقشة بعض مشايخنا في آخر الكلام في النقيصة السهوية ، وإن لم يكن عينه. لكنه محتاج إلى كثير تأمل.
ثم انه لو جرى الاستصحاب في نفسه اختص بما إذا كان مسبوقا بالقدرة في الوقت وتجدد العجز في أثنائه ، بحيث يعلم معه بفعلية التكليف سابقا في حقه.
لكن عن بعض الأعاظم الاكتفاء بسبق القدرة ولو قبل الوقت ، بدعوى : أن الاستصحاب في الأحكام الكلية الذي هو وظيفة المجتهد لا يتوقف على فعلية الموضوع خارجا ، ومن ثمّ يتمسك الفقيه في حرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال بالاستصحاب ، مع عدم تحقق الموضوع خارجا.
وفيه : أنه مع عدم فعلية الموضوع يعلم بعدم التكليف ، فلا معنى لاستصحابه بعد الوقت مع الشك ، بل المتعين استصحاب عدمه وإجراء المجتهد للاستصحاب في الأحكام الكلية إنما هو بمعنى حكمه بأن وظيفة من يفرض في حقه فعلية الموضوع والقطع بالتكليف هو البناء على بقائه ، لا الحكم فعلا بالبقاء في حقه مع عدم فعلية الموضوع في حقه ، كما في المقام ، فإنه خارج