العلم بالنهي المذكور بالإضافة إلى الفرد المشكوك ، لعدم إحراز موضوعه ، لا يكون موردا لأدلة البراءة ، لعدم كونه بنفسه موردا للعمل والتنجيز والتعذير ، بل ليس موضوعها إلا التكليف النفسي ، وهو الأمر بالصلاة المقيدة ، والمفروض تنجزه ولزوم إحراز الفراغ عنه ، ولذا لا تجري البراءة مع احتمال حصول الشرط ـ كالطهارة ـ الرافع لموضوع الأمر الغيري به ، وإن استلزم الشك في فعلية الأمر الغيري المذكور.
وإن اريد بها تقييد الصلاة بعدم استصحاب غير المأكول الذي منه تنتزع المانعية ، فلا إجمال في التقييد المذكور بعد فرض عدم إجمال غير المأكول.
ودعوى : أن التقييد المذكور انحلالي ويشك في شمولاه للمشكوك.
مدفوعة : بأن الشك المذكور لا يكفي في جريان الأصل ، لأن القيد بنفسه ليس موردا للتكليف الحقيقي الضمني أو الاستقلالي ، لفرض خروجه عن المكلف به ، وإنما يجب تبعا لوجوب المقيد ، وهو الحصة الخاصة المقارنة له.
فإجمال القيد وتردده بين الأقل والأكثر إن رجع إلى إجمال الخصوصية المعتبرة في المكلف به ، فحيث لا منجز للخصوصية المشكوكة لم يتنجز المشكوك من القيد بتبعها ، كما لو فرض إجمال الاستقبال المعتبر في الصلاة وتردده بين استقبال الجهة العرفية واستقبال الكعبة الشريفة.
أما إذا لم يوجب إجمال الخصوصية ، فحيث تكون الخصوصية في الواجب منجزة في نفسها ، لفرض بيان التكليف بها ، فلا بد من إحراز الفراغ عنها ولو بالمحافظة على مشكوك القيدية ، كما في المقام ، لوضوح أن الصلاة غير مقيدة بالافراد بخصوصياتها المفهومية ، ليكون إجمال الفرد مستلزما لإجمالها ، بل هي مقيدة بالافراد بلحاظ الجهة العنوانية المشتركة بينها ، على ما هي عليه من الشيوع وعدم الحصر ، وحيث كانت الجهة العنوانية المذكورة مبينة في نفسها كانت صالحة لبيان الحصة المطلوبة من الصلاة وتنجيزها ، فيجب إحراز الفراغ