العقلي المقتضي للزوم الطاعة عقلا ، لا يلزم بحمل أوامر الشارع بالطاعة على الإرشاد ، لإمكان وجوب الطاعة بحكم العقل والشرع معا ، نظير ما التزم به هنا من حسن الاحتياط شرعا وعقلا.
على أن عدم صلوح الأحكام الشرعية للمحركية إلا بضميمة حكم العقل كما يتوجه في الأحكام المنجزة التي يحكم العقل بلزوم طاعتها ، كذلك يتوجه في الأحكام غير المنجزة التي يحكم العقل بحسن الانقياد بموافقتها ، فانها لا تقتضي الانبعاث لو لا الحكم العقلي المذكور.
ومجرد الاختلاف بين الحكمين بالإلزام وعدمه لا يصلح فارقا ، ولا سيما مع كون إطاعة الأمر الاستحبابي والنهي التنزيهي مع تنجزهما حسنة عقلا غير واجبة ، مع عدم الإشكال بينهم في كون أوامر الشارع بإطاعتها للإرشاد.
فاللازم النظر في الفرق بين الأمر المولوي والإرشادي ذاتا ثم تحديد مصاديقهما ..
فنقول : الأمر والنهي إن صدرا بداعي جعل السبيل على المخاطب بهما ، بنحو يقتضي إضافة الفعل للامر والناهي وحسابه عليه ، انتزع منهما الحكم المولوي الذي يكون موضوعا للطاعة والمعصية وموردا لأهلية المخاطب للثواب والعقاب من قبل الامر.
وإن صدرا لمحض إرشاد المخاطب لآثار الأفعال الثابتة لها مع قطع النظر عن الأمر والنهي من دون أن يقتضيا إضافة الفعل للامر وحسابه عليه ، لم يكونا منشأ لانتزاع الحكم ، ولا يكون الداعي العقلي لموافقتها إلا بحسب داعويته للأثر المستكشف بهما.
فإذا أمر الأب ولده بالتدثر مثلا ، فإن كان أمره لمحض إرشاده لحاجته إليه كان إرشاديا ولا يتحقق الداعي العقلي لموافقته إلا بتبع داعويته لسدّ الحاجة المفروضة. وإن كان أمره مبنيا على جعله مسئولا من قبله بحيث يأتي به لحسابه