هذا ، وربما يدعى وجوب فعل المسقط عند تعذر امتثال التكليف عقلا ، لأن رفع موضوع الملاك بفعل المسقط أولى عقلا من فوته بالتعذر بعد تحقق موضوعه ، ومقتضى ذلك وجوب فعل ما يحتمل كونه عدلا في المقام ، لتردده بين الواجب والمسقط.
وفيه : أن فوته بالتعذر حيث لم يكن باختيار المكلف ، فلا موضوع معه للأولوية المذكورة ، لسقوط التكليف المانع من تحقق المخالفة ، بل ليس المدعى إلا وجوب فعل المسقط فرارا عن فوت الملاك بالتعذر ، وهو غير ظاهر.
نعم ، لو فرض عدم سقوط التكليف رأسا ، لعدم تعذره ، وإنما يتعذر موافقته القطعية ، للدوران بين محذورين ونحوه ، لم يبعد وجوب فعل المسقط فرارا من المخالفة الاحتمالية ، كما في موارد الاحتياط الوجوبي في النكاح ، حيث لا يبعد وجوب الطلاق فرارا عن المخالفة الاحتمالية بالاضافة إلى الأحكام الإلزامية للزوجية وعدمها ، التي لا يمكن فيها الاحتياط ، كوجوب الوطء كل أربعة أشهر ، كما أشار إلى ذلك سيدنا الأعظم قدّس سرّه في المسألة الثانية عشرة من فصل العقد وأحكامه من كتاب النكاح من المستمسك.
لأن المخالفة الاحتمالية اختيارية للمكلف ، فمن القريب جدا منع العقل منها عند تيسر فعل المسقط من جهة الأولوية المذكورة.
وأظهر من ذلك ما لو كان التعذر مستندا لاختيار المكلف ، لتعجيزه لنفسه ، بنحو يكون مؤاخذا بالمخالفة ، كما لو عجز الجنب نفسه عن الغسل ليلا في شهر رمضان ، واستطاع السفر قبل الفجر ، حيث لا ينبغي الريب في وجوبه عليه عقلا ، دفعا لضرر العقاب. فتأمل جيدا.
هذا ، وقد يبنى على ما نحن فيه مسألة وجوب الائتمام على من عجز عن القراءة ، بدعوى الشك في كون الائتمام مستحبا مسقطا للقراءة مع وجوبها