ولعله اليه يرجع ما اشتهر بينهم من عدم جواز الاعتماد على الظن في اصول الدين.
ولنكتف بهذا المقدار من الكلام في النصوص المتقدمة التي استدل بها لقاعدة التسامح في أدلة السنن. وإن بقيت بعض الامور غير المهمة لا مجال لإطالة الكلام فيها ، ومنه سبحانه وتعالى نستمد العون والتوفيق ، وهو أرحم الراحمين.
الأمر الرابع : لما كان الاحتياط هو متابعة التكليف المحتمل فلا بد فيه من تحصيل تمام ما يعتبر في الفعل المحتمل ورود التكليف عليه. وهو واضح في الامور التوصلية.
وأما في العبادات فقد يستشكل فيه بتوقفها على قصد امتثال الأمر المتوقف على إحراز الأمر ، فمع فرض عدم إحرازه يتعذر الاحتياط ، لتعذر الفعل الذي يحتمل التكليف به بتعذر شرطه.
بل لو فرض إحراز الأمر وتردده بين الوجوب والندب فقد يشكل الاحتياط بتعذر نية الوجه التي قيل باعتبارها في العبادات.
وإن كان الظاهر اندفاعه بعدم الدليل على اعتبارها ، بل قيام الدليل على عدمه ، كما تقدم في الفصل الخامس من مباحث القطع. بل لعله مورد اتفاق بينهم في فرض تعذر قصد الوجه لتعذر الاطلاع على حال الأمر.
فالعمدة الإشكال من الجهة الاولى.
وقد يدفع : بأنه يمكن قصد الأمر الوارد عليها من قبل أوامر الشارع بالاحتياط ، ويتحقق بذلك الشرط المقوم لعبادية العبادة.
لكن قد يستشكل فيه بوجهين ..
الأول : أن أوامر الشارع بالاحتياط ليست عبادية ، بل توصلية ـ وإن كان الأمر المحتاط فيه قد يكون عباديا ـ فلا تجعل متعلقها عباديا ، بل لا بد في عباديته