بعض الموارد ، مثل الشك في عدد الفوائت ، لتخيل كون الشك فيها في الفراغ ، لا في أصل التكليف.
وكيف كان ، فالحق الرجوع للبراءة العقلية والشرعية مطلقا.
وينبغي الكلام هنا في مقامين ..
الأول : في مقتضى الأصل الأولي مع فرض عدم البيان الشرعي حتى بالإضافة للوظيفة العملية مع الجهل بالتكليف الواقعي.
الثاني : في الأصل الثانوي المستفاد من الأدلة الشرعية الواردة لبيان حكم الجهل بالتكليف الشرعي الواقعي.
ولا ينبغي الخلط بينهما مع اختلاف مفاد الأدلة المستدل بها في المقام.
أما الأول : فلا ينبغي الريب في حكم العقل بالبراءة في المقام ، الراجع إلى حكمه بقبح العقاب من غير بيان ، وهو المراد بالبراءة العقلية ، فإن هذا يقتضي السعة في باب التكاليف المبنية على الإلزام والاحتجاج والمؤاخذة وهو لا ينافي لزوم الاحتياط مع الاحتمال فيما لو تعلق الغرض بإصابة الواقع ، كما في الأضرار الواقعية التي يهتم بتجنبها.
هذا ، ولا يبعد كون الحكم المذكور مسلما عند الكل.
نعم ، لو فرض كون مراد القائلين بأن الأصل في الأشياء الحظر هو الأصل الظاهري ، بعد ورود الحكم الشرعي ـ الذي هو مرجع الوجه الثالث من الوجوه المتقدمة عند الكلام في الأصل المذكور ـ كان ذلك منهم إنكارا للحكم العقلي المذكور. لكنه في غير محله قطعا ، لأن الحكم العقلي المذكور قطعي ارتكازي.
والاستدلال للحظر : بأن ملكه تعالى للعبد وأفعاله يقتضي عدم تصرف العبد مع الشك في إذنه ، إذ لا يجوز التصرف بملك الغير بمجرد احتمال إذنه.
في غير محله ، كما يظهر مما سبق من أن ملكيته تعالى الحقيقية لا تقاس بالملكية الاعتبارية ، بل هي لا تقتضي إلا سلطانه تعالى على العبد بتكليفه له ،