موجبا لنحو آخر من الخبث يقتضي الاجتناب عنه في بعض الامور ، كالأكل أو اللبس أو الصلاة أو نحوها كانت ذكاته ملازمة لعدم ترتب الآثار المذكورة ، وليس هذا لاختلاف مفهوم الذكاة ، بل لاختلاف خصوصياتها ، وليست هي إلا الطهارة والنظافة ، كما ذكرنا.
الأمر الثاني : اختلفوا في قبول بعض الحيوانات للتذكية ، كالمسوخ والحشرات ، وربما قيل : إن الأصل قبول كل حيوان لها إلا ما خرج بالدليل ، كالإنسان ونجس العين ، بل عن الحدائق : «لا خلاف بين الأصحاب (رضي الله عنهم) في ما أعلم أن ما عدا الكلب والخنزير والإنسان من الحيوانات الطاهرة يقع عليه الذكاة».
وقد يستدل عليه ..
تارة : بما دل على حلية ما أمسك الكلاب أو ذكر اسم الله عليه وما يصطاد بالسيف أو الرمح أو نحوهما ، وغير ذلك مما ورد في بيان كيفية التذكية ، فان مقتضى إطلاقها تأثيرها للتذكية في كل حيوان.
واخرى : بعموم حلية الحيوانات ، كقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ...)(١) لتوقف الحلية على التذكية.
لكن الإجماع لم يثبت بنحو معتد به بعد معروفية الخلاف في كثير من الحيوانات ، فقد ذهب في الشرائع إلى عدم وقوع التذكية على المسوخ ـ كالفيل والدب والقرد ـ والحشرات ـ كابن عرس والفأرة ـ وحكى في الجواهر الثاني عن المشهور ، بل ربما حكي الأول عنهم أيضا ، وعن المفيد والشيخ في الخلاف وسلار وابن حمزة عدم وقوعها على السباع ، كالأسد والنمر.
وأما ما ورد في شرح التذكية فلا ينهض بإثبات المطلوب ، إذ لم أعثر على دليل شارح لكيفية التذكية من جميع الجهات ليكون إطلاقه نافيا لخصوصية
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٤٥