دون الآخر.
لكن ما ذكره قدّس سرّه لا يناسب مسلكه في تقدم الاصول الحاكمة على المحكومة ، كما ذكره شيخنا الاستاذ (دامت بركاته).
ولا ينبغي تطويل الكلام في ذلك بعد ما تقدم مما يقتضي المنع عن العمل بالأصل في الفرض.
بقي الكلام في ما نقله شيخنا الأعظم قدّس سرّه عن بعضهم من الرجوع للقرعة في المقام.
فاعلم : أنه لا ريب في صلوح القرعة لتمييز المعلوم بالإجمال وشرحه بنحو يرجع إلى التعبد بالامتثال في بعض الأطراف ، الذي هو مقتضى قاعدة الاشتغال ، والذي تقدم أن جعل البدل راجع إليه.
ولا فرق في ذلك بين كونها من الطرق وكونها من الاصول ، لأن الأصل إنما لا يصلح لتشخيص المعلوم بالإجمال إذا تمحض في تشخيص الوظيفة العملية من دون نظر للواقع ، أما إذا كان ناظرا إليه وواردا لشرحه فاللازم العمل به على حسب مقتضاه.
ولعله لذا ورد الإرجاع للقرعة في مورد العلم الإجمالي في ما روي عن محمد بن عيسى عن الرجل عليه السّلام ، أنه سئل عن رجل نظر إلى راع نزا على شاة ، قال : «إن عرفها ذبحها وأحرقها ، وإن لم يعرفها قسمها نصفين أبدا حتى يقع السهم بها فتذبح وتحرق وقد نجت سايرها» (١).
هذا ، ولم ينقل شيخنا الأعظم قدّس سرّه القول بالرجوع للقرعة إلا في الشبهة الموضوعية التحريمية ، وربما يتعدى عنها للشبهة الموضوعية الوجوبية ، وأما الشبهة الحكمية فقد ادعى المحقق الخراساني قدّس سرّه الإجماع على عدم الرجوع
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٦ ، باب : ٤ من أبواب الأطعمة المباحة ، ح : ١.