بالتعرض لما يناسب المقام ويساعده الوقت ، فنقول :
أما الدماء فالشك في جواز إهراقها ..
تارة : يكون للشك في احترام الدم ذاتا ، كما لو دار الأمر بين إسلام الشخص وكفره.
واخرى : يكون للشك في ما يوجب احترام الدم بعد هدره ذاتا ، كما لو شك في دخول الكافر في الذمة.
وثالثة : يكون للشك في طروء ما يوجب هدر الدم بعد احترامه ذاتا ، كما لو احتمل ارتداد المسلم ، أو زناه عن إحصان.
أما في الصورة الاولى فإن كان الكفر متيقنا سابقا كان استصحابه هدر الدم ولا إشكال في العمل بمقتضاه ، حتى على ما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه ، أو على قاعدة المقتضي المتقدمة لها الإشارة آنفا.
وإلا فقد يدعى أن مقتضى الأصل هو احترام الدم ، لمثل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : كل مولود يولد على الفطرة. يعني : المعرفة بأن الله عزّ وجل خالقه ...» (١) ، وصحيح فضل بن عثمان الأعور عن أبي عبد الله عليه السّلام أنه قال : «ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه ...» (٢) وغيرهما مما يظهر منه أن الكفر طارئ فالاصل عدمه.
ويشكل : بأنها لا تتضمن أصالة الإسلام ، لوضوح أن الإسلام كسائر الأديان يحتاج إلى تعليم ، بل المراد من الفطرة معرفة الله تعالى والتوحيد ، كما صرح به في غير واحد من النصوص (٣) ، ومنها صحيح زرارة السابق وهي لا تكفي في احترام الدم بلا إشكال ، بل حيث كان ظاهر بعض النصوص اعتبار
__________________
(١) الكافي ج : ٢ ص ١٣.
(٢) الوسائل ، ج ١١ ، باب : ٤٨ من أبواب جهاد العدو ح : ٣.
(٣) الكافي ج : ٢ ص ١٢.