والنواهي المذكورة إنما تقتضي الجزئية ونحوها إذا كانت للإرشاد وبيان ماهية المركب ، ولا مانع من إطلاق مثلها لحال النسيان والاضطرار ونحوهما ، وأما إذا كانت واردة للتكليف النفسي فهي لا تدل على دخل متعلقها في المركب وجودا وعدما ، لتكون مما نحن فيه.
وأما ما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه من أن الاوامر والنواهي المذكورة حيث كانت غيرية فهي مسببة عن الجزئية ، فسقوطها في حق الغافل لا يقتضي سقوط الجزئية ، وليست الجزئية مسببة عنها. لتسقط في حال الغافلة تبعا لها.
فهو ـ مع ابتنائه على كون الأمر الضمني بالجزء غيريا ـ مدفوع : بأن سقوط التكليف الغيري وإن لم يستلزم سقوط الجزئية التي هي منشأ له ، إلا أنه لا طريق لإثبات عموم الجزئية لحال النسيان بعد فرض قصور دليلها عنه.
فالعمدة : أن الأوامر والنواهي المذكورة ليست متمحضة في الغيرية ، بل هي مسوقة للإرشاد للجزئية ونحوها والكناية عنها ، فلا مانع من إطلاقها لحال النسيان والاضطرار ونحوهما ، وإن كانت المقدمية للواجب هي المنشأ في المناسبة المصححة للكناية.
بل الظاهر تمحض الأوامر والنواهي المذكورة في الإرشاد وليست غيرية ، ولذا وردت في ما لا يجب غيريا ، لكونه مقدمة لغير الواجب ، كقوله عليه السّلام : «استقبل بذبيحتك القبلة» (١) ، مع وضوح عدم وجوب التذكية.
نعم ، لو كانت المانعية متفرعة على التكليف بوجوده الواقعي ـ كما لو فرض مانعية الحرير بما هو حرام لا بنفسه ـ تعين ارتفاعها بنسيان التكليف ، بناء على كونه رافعا واقعيا له.
كما أنها لو كانت متفرعة على تنجز التكليف ـ كما في مانعية النهي من
__________________
(١) الوسائل ج : ١٦ ، باب : ١٤ من أبواب الذبائح كتاب الصيد والذبائح ، ح : ١.