وقتل معه سبعة آلاف رجل كلهم طالبون بدم الحسين (١).
أليس ما قام به المختار من أخذ الثار ، مكرمة تدعو الى السكوت عنه ، على الأقلّ؟!
ولقد ذكّر الإمام الباقر عليهالسلام بمثل هذا في حديثه عن المختار لمّا دخل عليه أبو الحكم ابن المختار ، فتناول يد الإمام ليقبّلها فمنعه ، ثم قال له : اصلحك الله ، إن الناس قد أكثروا في أبي وقالوا ، والقول ـ والله ـ قولك! ... ولا تأمرني بشيء إلاّ قبلته.
فقال الإمام : سبحان الله! أخبرني أبي ـ والله ـ أن مهر أمي كان مما بعث به المختار.
أوَلم يبن دورنا ، وقتل قتلتنا ، وطلب بدمائنا ، فرحمه الله.
وأخبرني ـ والله ـ أبي : أنّه كان ليسمر عند فاطمة بنت عليّ يمهّدها الفراش ويثني لها الوسائد ، ومنها أصاب الحديث.
رحم الله أباك ، رحم الله أباك ، ما أصاب لنا حقّا عند أحد إلاّ طلبه ... (٢)
وعلى حدّ قول ابن عباس ـ لما طُلِبَ منه سبّ المختار ـ : ذاك رجل قَتَلَ قتلتنا ، وطلب ثأرنا وشفى غليل صدورنا ، وليس جزاؤه منّا الشتم والشماتة (٣).
إن خروج الإمام زين العابدين عليهالسلام من أزمة الحركات المعارضة للدولة ، على أختلاف مواقفها تجاه الإمام ، من موالية ، ومحايدة ، ومعادية ، وبالشكل الذي لا يترك أثرا سلبيّا عليه ، ولا يحمّله مسؤولية ، ولا تستفيد الأطراف المتنازعة من موقعه كإمام ، وككبير أهل البيت عليهالسلام ، ولا تتضرّر أهدافه وخططه التي رسمها لإحياء الدين.
إن الخروج من مثل هذا المأزق ، وبهذه الصورة ، عمل جبّار لابدّ أن يعدّ من أخطر مواقف الإمام السياسيّة ، ويستحق دراسة معمّقة لمعرفة أسسه ، وأبعاده.
وبعد :
إنّ ما بذله الإمام السجّاد عليهالسلام من جهود وجهاد في سبيل الله ، وما قام به من
__________________
(١) مروج الذهب ( ٣ : ١٠٧ ).
(٢) رجال الكشي ( اختيار معرفة الرجال ) ( ص ١٢٦ ) رقم (١٩٩).
(٣) الكامل في التاريخ لابن الأثير ( ٤ : ٢٧٨ ).