فيعتبرون ذلك تصويبا لتصرفاته ، وإسباغا للشرعية عليها.
بل ، إن مجرد سكوت من يصحب الظالم ، على ما يرى من فعله ، هو جريمة يحاسب عليها.
وقد كان الإمام زين العابدين عليهالسلام يسعى بكلّ الوسائل من النصح والموعظة والإرشاد ، الى التخويف والتهديد ، الى الفضح والتشهير ، في سبيل إقناع المتصلين بالأمويين من علماء السوء ، ليرتدعوا ، ويتركوا الارتباط بالبلاط ، هادفا من وراء ذلك فضح الحكّام ، وتجريدهم عن كلّ أشكال الشرعية.
ومن أعلام البلاط الذين ركّز الإمام عليهالسلام جهوده في سبيل قطع ارتباطه بالحكام هو : الزهري.
الذي أكسبه الأمويون ـ زورا وبهتانا ـ شهرة عظيمة ، وروّجوا له ، ونفخوا في جلده ، حتى جعلوه من أوثق الرواة في نظر الناس.
بينما كان من المنحرفين عن الإمام علي عليهالسلام (١).
وقال محمد بن شيبة : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري ، وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا عليهالسلام فنالا منه! (٢).
واشتهر أنه كان يعمل لبني أمية (٣) وكان صاحب شرطتهم (٤) ولا يختلف الناس أنه كان يأخذ جوائزهم (٥).
ولم يزل مع عبدالملك وأولاده هشام وسليمان ويزيد ، وقد استقضاه الأخير (٦).
وجميع أهل البيت عليهمالسلام يجرحونه ، وتكلّم أناس فيه من غيرهم :
قال عبدالحق الدهلوي : إنّه قد ابتلي بصحبة الأمراء ، وبقلّة الديانة ، وكان أقرانه من العلماء والزهّاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ( ٤ ـ ١٠٢ ).
(٢) شرح نهج البلاغة ( ٤ ـ ١٠٢ ) والاعتصام بحبل الله المتين ( ٢ : ٢٥٨ ).
(٣) تهذيب التهذيب ( ٤ : ٢٢٥ ).
(٤) الجامع لأخلاق الراوي ( ٢ / ٢٠٣ ).
(٥) الاعتصام ( ١ : ٢٨٥ ).
(٦) لاحظ وفيات الإعيان ، لابن خلكان ( ٣ : ٣٧١ ).