باعتباره من العائلة المالكة.
وكان من ترفه أنه يلبس الثوب بأربعمائة دينار ، ويقول : « ما أخشنه! » (١).
وقال بعضهم : كنّا نعطي الغسّال الدراهم الكثيرة حتى يغسل ثيابنا في إثر ثياب عمر بن عبد العزيز ، من كثرة الطيب الذي فيها (٢).
قال عبدالله بن عطاء التميمي : كنت مع علي بن الحسين في المسجد فمرّ عمر بن عبدالعزيز ، وعليه نعلان شراكهما فضّة ، وكان من أمجن الناس ، وهو شاب ... (٣).
ولما كان يتمتع به من ذكاء وتدبير ، كان يراقب أعمال الإمام زين العابدين عليهالسلام عن كثب ، فيجد أنه عليهالسلام قد هيّأ بجهاده وصبره الأرضيّة الصالحة لانقلاب اجتماعي جذري على الحكم الأموي المرواني.
وكان الإمام يتوسّم في عمر التطلّع الى الخلافة ، فقد قال عليهالسلام لعبد الله بن عطاء ـ ذيل حديثه السابق ـ : أترى هذا المترف ـ مشيرا الى عمر ـ إنه لن يموت حتى يلي الناس ، فلا يلبث إلاّ يسيرا حتى يموت ، فإذا مات لعنه أهل السماء ، واستغفر له أهل الأرض (٤).
ففي هذا الحديث :
١ ـ يشاهد توسّم الإمام عليهالسلام في عمر أنه يتطلّع الى الحكم والولاية ، رغم بعده عنها ، واشتغاله في المدينة بما لا يمتّ الى ذلك.
وإعلانه عن هذا التوسّم يدل بوضوح على أن الإمام كان يفكّر في شؤون الحكومة لا حاضرها بل ومستقبلها ، وأنه كان مفتوحا أمامه بوضوح.
٢ ـ إن الإمام عليهالسلام كان يعرف من ذكاء عمر ودهائه أنه سوف ينافق في ولايته ،
__________________
(١) طبقات ابن سعد ( ٥ : ٢٤٦ ).
(٢) الإغاني ( ٩ ـ ٢٦٢ ).
(٣) مناقب ابن شهر آشوب ( ٤ / ١٥٥ ) ط الأضواء.
(٤) بصائر الدرجات ( ص ٤٥ ) ودلائل الإمامة للطبري ( ص ٨٨ ) وبحار الأنوار ( ٤٦ : ٢٣ و ٣٢٧ ) وإثبات الهداة ( ٣ : ١٢ ) وقد روى عاصم بن حميد الحنّاط في أصله ( ص ٢٣ ) قريبا من هذا النص عن عبدالله بن عطاء قال : كنت آخذا بيد أبي جعفر عليهالسلام وعمر بن عبدالعزيز عليه ثوبان معصفران ، قال : فقال أبو جعفر : أما أنه سيلي ثم يموت ، فيبكي عليه أهل الأرض ويلعنه أهل السماء ، ودلالته على المعاني التي ذكرناها أوضح.