وبعد سنين من النضال المرير ، الذي قام به الإمام زين العابدين عليهالسلام ، بالأساليب التي شرحنا صورا منها في الفصول السابقة ، والتي كان تطبيقها والاستفادة منها في تلك الظروف الحرجة لا يقل صعوبة عن إشهار السيف ، وفائدتها لا تقل عن دخول المعارك الضارية.
فلقد أنتجت نتائجها الهائلة :
فعزّزت موقع الإمام عليهالسلام لكونه القائد الإلهي المسؤول عن هذا الدين ، وهذه الأمة ، والهادي لها.
وتمكّن ـ بالتزامه بالخطط الدقيقة المذكورة ـ من أداء وظائف الإمامة ، وتجميع القوى المتبدّدة حول مركز الحق ، وتأسيس القاعدة لانطلاق الأئّمة من بعده على أسس رصينة محكمة.
وعزّزت تلك المواقف الاجتماعية العظيمة ، مكانة الإمام عليهالسلام في أنظار الأمة ، باعتباره سيّدا من أهل البيت عليهمالسلام يتمتّع بمكارم الاخلاق وفضائلها ، وعالما بالإسلام من أصفى ينابيعه وروافده ، ومحاميا عن الأمة.
وكانت لهذه المواقع ، وهذه المكانة ، آثارها في تغيير أسلوب العمل السياسي ، عند الإمام زين العابدين عليهالسلام في الفترة التالية ، حيث نجد أن تعامله مع الحكّام والأحداث يختلف عمّا سبق ، ويكاد الإمام عليهالسلام يعلن عن المعارضة ، ويبدي التعرّض للحكام.
وكان من أبرز مظاهر هذا التعامل هو ما اتّخذه من مواقف حاسمة تجاه الحكام الظالمين ، وتجاه أعوانهم ، وتجاه الحركات السياسية التي عاصرته.