وإنما يحشرون الى جهنم زمرا ، وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام.
فاتقوا الله عباد الله.
وأعلموا أن الله عز وجل لم يحبّ زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها ، وإنما خلق الدنيا وأهلها ليبلوهم فيها : أيّهم أحسن عملا لآخرته؟.
وإيمُ الله ، لقد ضرب لكم فيه الأمثال ، وعرّف الآيات لقوم يعقلون ، ولا قوّة إلاّ بالله.
فازهدوا في ما زهّدكم الله عزوجل فيه من عاجل الحياة الدنيا.
فإن الله عزوجل يقول ـ وقوله الحق ـ : ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) [ يونس «١٠» الآية «٢٤» ].
فكونوا عباد الله ـ من القوم الذين يتفكّرون ، ولا تركنوا الى الدنيا فإن الله عزوجل قال لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) [ هود «١١» الآية «١١٣» ].
ولا تركنوا الى زهرة الدنيا وما فيها ركون من اتّخذها دار قرار ومنزل استيطان ، فإنها دار بُلغة ، ومنزل قلعة ، ودار عمل ، فتزوّدوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرّق أيامها ، وقبل الإذن من الله في خرابها ، فكان قد أخربها الذي عمرّها أول مرة وابتدأها وهو وليّ ميراثها فأسأل الله العون لنا ولكم على تزوّد التقوى ، والزهد فيها.
جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا ، الراغبين لآجل ثواب الآخرة ، فإنما نحن به وله.
وصلّى الله على محمد وآله وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (١).
__________________
(١) الكافي ، للكليني ( ٨ : ٧٢ ـ ٧٦ ) وتحف العقول ( ص ٢٤٩ ـ ٢٥٢ ) وأمالي الصدوق ( المجلس (٧٦) ص ( ٤٠٧ ـ ٤٠٩ ).