أوّلا :
التزام الزهد والعبادة
لقد أخذت هذه الظاهرة ساعات طويلة من
وقت الإمام عليهالسلام ، وملأت
مساحات واسعة من صفحات سيرته الشريفة ، حتى أصبح من أشهر ألقابه « زين العابدين » و « سيّد الساجدين » .
والزهد ، من
الفضائل الشريفة التي يتزيّى بها الرجال الطيّبون ، المخلصون لله ، الراغبون في
جزيل ثوابه ، العارفون بحقيقة الدنيا وأنها فانية زائلة ، فلا يميلون الى
الاستمتاع بلذّاتها ومغرياتها ، بل يقتصرون على الضروريّ الأقلّ ، من المشرب
والملبس والمسكن والمأكل.
وقد اللتزم
أئمّة أهل البيت بهذه الفضيلة بأقوى شكل ، وفي التزامهم بها معنى أكبر من مجرّد
الفضل والخلق الجيّد ، فكونهم أئمة يقتدى بهم واُمثولة لمن يعتقد بهم ، واُسوة لمن
سواهم ، وقدوة للمؤمنين ، يتبعون خطاهم ، فهم لو تخلّقوا بهذا الخلق الكريم ، قام
جمع من الناس بذلك معهم ، سائرين على طرق مأمونة من الانحراف.
فللإمام السجّاد عليهالسلام في العبادة مشاهد عظيمة ، وأعمال جليلة
، وسجدات طويلة ، وصلوات متتالية ، حتى أنه كان يصلّي في اليوم والليلة « ألف ركعة
» وهذا يشبه
ما نقل عن جدّه الإمام علي أمير المومنين عليهالسلام.
وإذا نظرنا الى عصر الإمام زين العابدين
عليهالسلام ، والى ما
حوله من حوادث واقعة واُمور جارية : أمكننا أن نقول : إن التزام الإمام بهذه
العبادة ، وبهذا الشكل من السعة ، والإصرار ، والإعلان ، لم يكن عفويّا ، ولا عن
غير قصد وهدف ، ولا لمجرد