حقا لقد تحيّن الإمام عليهالسلام الفرص ، وأهتبل حتى الزلّة الصغيرة تصدر من أحد الموالي ليهب له الحريّة ، فكان يكافيء الإساءة بالإحسان ليكون أعذب عند الذي يعتق ، وأركز في خلده ، فلا ينساه.
إنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام استنفد كلّ وسيلة للتحرير.
وإليك بعض الأحاديث عن ذلك :
١ ـ نادى علي بن الحسين عليهالسلام مملوكه مرتين ، فلم يجبه ، ثم أجابة في الثالثة ، فقال له الإمام : يا بنيّ! أما سمعت صوتي؟
قال المملوك : بلى!
قال الإمام : فما بالك لم تجبني؟
قال المملوك : أمنتُكَ.
قال الإمام : الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني (١).
٢ ـ عن عبدالرزاق ، قال : جعلت جارية لعلي بن الحسين تسكب عليه الماء يتهيّا للصلاة ، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه ، فشقة ، فرفع علي بن الحسين رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله عزوجل يقول : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ).
فقال لها : قد كظمت غيظي.
قالت : ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ).
فقال لها : قد عفا الله عنك.
قالت : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) [ آل عمران «٢» الآية ١٢٤ ].
قال : اذهبي ، فأنت حرّة (٢).
فكأنّ هذا الحوار كان امتحانا واختبارا ، نجحت فيه هذه الجارية ، بحفظها هذه الآية ، واستشاهدها بها ، فكانت جائزتها من الإمام عليهالسلام أن تعتق!
٣ ـ قال عبدالله بن عطاء : أذنب غلام لعلي بن الحسين ذنبا استحق منه العقوبة ، فأخذ له السوط ، فقال : ( قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ )
__________________
(١) تاريخ دمشق ( الحديث ٩٠ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٤٠ ) وشرح الأخبار ( ٣ : ٢٦٠ ).
(٢) تاريخ دمشق ( الحديث ٩٠ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٤٠ ).