واغتنموا أيّامها ، واسعوا لما فيه نجاتكم من عذاب الله ، فإن ذلك أقلّ للتبعة ، وأدنى من العذر ، وأرجى للنجاة.
فقدّموا أمر الله ، وطاعة من أوجب الله طاعته ، بين يدي الأمور كلها ، ولا تقدّموا الأمور الواردة عليكم من الطواغيت ، من زهرة الدنيا ، بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة اُولي الأمر منكم.
واعلموا انكم عبيد الله ، ونحن معكم ، يحكم علينا وعليكم سيّد غدا ، وهو موقفكم ، ومسائلكم ، فأعدّوا الجواب قبل الوقوف والمسألة والعرض على ربّ العالمين.
واعلموا أن الله لا يصدّق كاذبا ، ولا يكذّب صادقا ، ولا يردّ عذر مستحق ، ولا بعذر غير معذور ، له الحجّة على خلقه بالرسل والأوصياء.
فاتقوا الله ـ عباد الله ـ واستقبلوا في إصلاح أنفسكم طاعة الله ، وطاعة من تولّونه فيها ، لعلّ نادما قد ندم في ما فرّط بالأمس في جنب الله ، وضيّع من حقوق الله.
فاستغفروا الله ، وتوبوا إليه ، فإنه يقبل التوبة ، ويعفو عن السيّئة ، ويعلم ما تفعلون.
وإيّاكم ، وصحبة العاصين ، ومعونة الظالمين ، ومجاورة الفاسقين ، احذروا فتنتهم ، وتباعدوا من ساحتهم.
واعلموا أنّه من خالف أولياء الله ، ودان بغير دين الله ، واستبدّ بأمره دون وليّ الله كان في نار تلهب ، تأكل أبدانا قد غاب عنها أرواحها ، وغلبت عليها شقوتها ، فهم موتى لا يجدون حرّ النار ، ولو كانوا أحياءا لوجدوا مضض حرّ النار.
فاعتبروا يا أولي الأبصار واحمدوا الله على ما هداكم ، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله الى غير قدرته ، وسيرى الله عملكم ورسوله ، ثمّ إليه تحشرون.
وانتفعوا بالعظة.
وتأدّبوا بآداب الصالحين (١).
__________________
(١) الكافي ( ٨ : ١٤ ـ ١٧ ) الأمالي للمفيد ( ص ٢٠٠ ـ ٢٠٤ ) وفيه : قال أبو حمزة الثمالي ـ راوي هذا الكتاب : « قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين عليهالسلام ، فكتبت ما فيها ، وأتيته به ، فعرضته عليه فعرفه وصحّحه » وأمالي الطوسي ( ١ : ٤ ـ ١٢٧ ) ورواه في تحف العقول ( ٢٥٢ ـ ٢٥٥ ).