ثم ينبّه الإمام السجّاد عليهالسلام حكيما بضربة على فخذه ، وينبّهه بالعتاب فيقول : فأين يذهب بك يا حكيم؟
وهكذا كان السجّاد ـ رغم حصافة المواقف التي يتخذها ، والالتزام بالأهداف السامية في حفظ وحدة الكلمة ـ لايترك الحقيقة مهملة عندما كان يخاطب من يفهم ، ويدرك ، وينتبه!
وإن كان له مع الغوغاء غير المتفهمين ، لأهداف الأئمة والإمامة ، تعاملا آخر يناسب حالهم ، ويخاطبهم على قدر عقولهم.
وللإمام السجّاد عليهالسلام موقف حازم مماثل من الدعايات المغرضة ، التي كان يبثها دعاة الضلال ضدّ شيعة أهل البيت عليهمالسلام ، وهو ما جاء في الحديث التالي :
قال محمّد بن الفرات : صلّيت الى جنب علي بن الحسين يوم الجمعة ، فسمعت ناسا يتكلّمون في الصلاة!
فقال عليهالسلام : ما هذا؟
فقلت : شيعتكم! لا يرون الصلاة خلف بني أُمية!
قال عليهالسلام : هذا ـ والذي لا إله إلاّ هو ـ بدع ، فمن قرأ القرآن ، واستقبل القبلة فصلّوا خلفه ، فإن يكن محسنا فله حسنته ، وإن يكن مسيئا فعليه (١).
فالمسلم الشيعيّ يقتدي بإمامه ، فإذا كان أولئك شيعة لأهل البيت عليهمالسلام حقيقة ، وكانوا يرون الإمام السجاد عليهالسلام وهو زعيم أهل البيت عليهمالسلام في عصره ، ها هو واقف في الصفّ يؤدّي الصلاة مع جماعة الناس ، فما بالهم يلغطون ، ليعرّفوا أنفسهم أنّهم لا يصلّون مع الجماعة!؟
ولماذا يعرّفون أنفسهم بأنّهم شيعة لأهل البيت ، وهم يقومون بمثل هذا التحدّي السافر!؟
وإلاّ ، كيف عرفهم الناس بأنّهم شيعة؟!
__________________
(١) تاريخ دمشق ( الحديث ١١٠ ) ومختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( ١٧ : ٢٤٣ ).