كأداة ، بل أنّ الفكر كمحتوى يمكن النظر إليه هو أيضاً كجملة من الأفكار والآراء والنظريّات تنتظمها عناصر ترتبط بعلاقات بنيويّة ، علاقات تجعل منها أجزاء تستقي دلالتها ووظيفتها من الكلّ الذي تنتمي إليه ..
يقول علي حرب في «الماهيّة والعلاقة ، نحو منطقي تحويلي» ص ٢ ، ٨٠ ، ٢٧ ، ٩٠ :
من معاني الفكر أنّه حركة وتوتّر ، أو وَجْد وارتحال ، فهو هذه الحركة المزدوجة جيئةً وذهاباً ، أوفعلاً وقبولاً ، أو بناءً وانبناءً ، بين ما يحضر وما لا يحضر ، أو بين ما نفكّر به وما نفكّر فيه ، أي بين المقدّمات والنتائج ، أو بين المبادئ والمطالب ، أو بين المقاصد والوسائل ، وإذا شئت الكلام بلغة اُخرى أقول : بين الأحكام والمسبقات ، أو بين المعطيات والبداهات ، أو بين المنطوقات والمسكوتات ، وذلك من أجل استحضار ما هو غائب ، أو تسمية ما لا تجوز تسميته ، أو قول ما يمتنع على الوصف والتعيين .. وهذه الحركة المركّبة هي في أصلها توتّر بين قطبين هما الأنا والعالَم ، أي بين الداخل والخارج ، أو بين الذهن الذي يجترح المعنى والجلد المثقوب بالجوارح .. وهذا التوتّر الفكري يتّخذ أشكالاً مختلفة .. قد يكون معاناةً بين الرغبة والقدرة ، أو تجاذباً بين النفس والغير ، أو تفاعلاً بين الفكرة والحدث ، أو بين المقولة والتجربة ، أو بين الخلوة للتأمّل والكتابة ، وبين المشاركة في ندوة أو النشر في صحيفة أو مجلّة ، للانخراط في النقاش وإدارة السجال .. ولأنّ الفكر هو توتّر فإنّ المنخرط في التجربة