الزمني لكلّ قوم هو العصر الذي يعيش فيه ، أي أنّه لا يملك أن يخرج من عصره ويرجع إلى عصر مضى ، ولا يملك أن يبعث الماضي ويعيشه من جديد .. كلّ قوم من الوجهة التاريخيّة ابن عصره ولاعب من لاعبيه ..
فدعوى الأصالة بالمعنى الزمني باطلة ، ودعوى الأصالة بالمعنى نفسه تحصيل حاصل .. وعلى هذا النحو تنهدم إشكاليّة الأصالة والمعاصرة ، ويتحتّم التخلّي عنها .. ولكن ذلك لا يعني تجريد القوم من الماضي ، ماضيه وماضي غيره من الأقوام .. فالتعامل مع الماضي بعدٌ من أبعاد انوجاد القوم في عصره ..
ومن هنا تنطرح إشكاليّة الأصالة والمعاصرة بالمعنى القيَمي .. كيف ينبغي أو كيف يحسن أن يتعامل القوم مع ماضيه الأصيل وتراثه؟ وكيف ينبغي أو كيف يحسن أو يتعامل مع القوى الفاعلة في العصر؟ هذان السؤالان ممكنان من الوجهة المنطقيّة ، وجديران بأن تبذل جهود لمعالجتهما .. فالأصالة بالمعنى القيَمي مسلك يسلكه القوم في توظيف تراثه في عصره لحلّ مشكلاته .. وكذلك المعاصرة ، فهي مسلك يسلكه القوم في انفعاله بتراث الأقوام الاُخرى الفارضة نفسها على مسرح التاريخ الحاضر ..
الأصالة
يقول محمّد عابد الجابري : إنّ الأصالة ـ مثلها مثل المعاصرة ـ لا تدلّ على شيء ، فهي ليست ذاتاً ولا واقعاً ، إنّها صفة أو سمة لكلّ عمل