يقول حازم صاغية : كائناً ما كان التأويل المعتمد لـ «الحداثة» يبقى أنّ ولادة هذا المفهوم ارتبطت بولادة مفهوم «الفرد» أو أنّها جاءت من قبيل السعي الفكري إلى الإسراع في توليد الفرد الذي يكسر قوالب الجماعة ووحدتها المعلنة .. فلا يمكن للحداثة بهذا المعنى أن تكون دعوة جمعيّة أو قوميّة تعيد تدوير الفرد وإدراجه في كلّ مزعوم أكبر .. ويزيد في مفارقة الحداثة العربيّة أنّ سائر الدعوات القوميّة تردّ إلى عصور ذهبيّة أحدثها في الدولة الاُمويّة وأعتقها في سومر وبابل ..
إشكاليّة الأصالة والمعاصرة
يقول محمّد عابد الجابري : كثيراً ما تطرح إشكاليّة الأصالة والمعاصرة في الفكر العربي الحديث والمعاصر ، على أنّها مشكل الاختيار بين النموذج الغربي في السياسة والاقتصاد والثقافة ... إلخ ، وبين «التراث» بوصفه يقدّم أو بإمكانه أن يقدّم نموذجاً بديلاً أو أصيلاً يغطّي جميع ميادين الحياة المعاصرة ..
ومن هنا تصنّف المواقف إزاء هذا الاختيار إلى ثلاثة أصناف رئيسيّة :
مواقف «عصرانيّة» تدعو إلى تبنّي النموذج الغربي المعاصر بوصفه نموذجاً للعصر كلّه ، أي النموذج الذي يفرض نفسه تاريخيّاً كصيغة حضاريّة للحاضر والمستقبل ..