ممّا قيل في الفكر والمنهج
كلٌّ يفكّر بحسبه ، وهذا أمرٌ طبيعي .. والقداسة إنّما تحوم حول «الفكر» فالفكر هو الحياة ولا حياة بلا فكر ، إنّه الخطاب وإن صمت ، خطابٌ إثر قراءة وتلقٍّ عُجِنا بمعاجن العقل فاختمرا بممارسة الوظائف طبق الأدوات المعهودة من التحليل والمراجعة والحفر والمقارنة والاستقراء والاستنطاق والاستنباط ، وعلى حدّ قول أرسطو : «لا يوجد شيء في الذهن إلاّ ويكون قد سبق وجوده في الحواسّ» فإنّ ذلك يعني كما ترى مي زيادة : إنّ كلّ فكر من أفكارنا تكوّنه تأثيرات آتية توّاً من الخارج أو متجمّعات في خاطرنا من بقايا تذكّرات ماضيات انتقلن إلينا بواسطة إحدى الحواسّ الخمس ... هذا هو الثبوت ..
ولمّا يرسل الفكر إشعاعه وأنواره بآليّاته المختلفة ويبثّ حصيلة مادار في أروقة العقل من عمليّات ومراحل ، وينشر على البشريّة رواشحه وعصاراته .... فهذا هو الإثبات ..
ويبقى الفكر فعّالاً ينتج ويصحّح ويجدّد ويبلور وينذر ويستبدل ويؤصّل ويوثّق وينقد ، فهو ماء الحياة وأثيرها ، شهيقها وزفيرها ، فكيف