وضع مخصوص في الفلك ... وأمّا عند غيرهم كالمنطقيّين فقيل : هو الفكر ، وقيل : غيره ، وقد سبق ..
وقال القاضي الباقلاني : النَّظَر هو الفكر الذي يُطلب به علم أو غلبة ظنّ ، والمراد بالفكر انتقال النفس في المعاني انتقالاً بالقصد ، فإنّ ما لا يكون انتقالاً بالقصد كالحدس ، وأكثر حديث النفس لا يُسمّى فكراً ، وذلك الانتقال الفكري قد يكون بطلب العلم أو الظنّ فيُسمّى نظراً ، وقد لا يكون كذلك فلا يُسمّى به ، فالفكر جنس له وما بعده فصل له وكلمة ، أو لتقسيم المحدود دون الحدّ ..
وحاصله : أنّ قسماً من المحدود حدّه هذا ، أي الفكر الذي يُطلب به علم ، وقسماً آخر حدّه ذاك ، أي الفكر الذي يُطلب به ظنّ ، فلا يرد : أنّ الترديد للإبهام فينافي التحديد ، والمراد بغلبة الظنّ هو أصل الظنّ ; وإنّما زيد لفظ الغَلَبة تنبيهاً على أنّ الرجحان مأخوذ في حقيقة ، فإنّ ماهيّة الظنّ هي الاعتقاد الراجح ، فلا يرد : أنّ غلبة الظنّ غير أصل الظنّ فيخرج عنه ما يطلب به أصل الظنّ ، والمراد بطلب الظنّ من حيث هو ظنّ من غير ملاحظة المطابقة للمظنون وعدمها ، فإنّ المقصود الأصلي كالعمل في الاجتهاديّات قد يترتّب على الظنّ بالحكم بالنظر إلى الدليل ، فإنّ الحكم الذي غلب على ظنّ المجتهد كونه مستفاداً من الدليل بحسب العمل به عليه من غير التفات إلى مطابقته وعدم مطابقته ، ولاسيّما عند من يقول بإصابة كلّ مجتهد ، ولذا يثاب المجتهد المخطئ ، فلا يرد : أنّ الظنّ الغير المطابق جهل ، فيلزم أن يكون الجهل مطلوباً وهو ممتنع ; إذ لا يلزم من