فنوعٌ على صراط الرحمن ، مَنْ عرج على هذا الصراط المستقيم إلى أن بلغ من الفكر نقطة مركزه العظيم ، وجال في سطح خطّه القويم ، ظفر بالتجلّي المصون بالدرّ المكنون في الكتاب المكنون الذي لا يمسّه إلاّ المطهّرون ، وذلك اسمٌ اُدغم بين الكاف والنون مسمّاه إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ، وسُلّمُ المعراج إلى هذه الدقيقة هي من الشريعة والحقيقة ..
وأمّا النوع الآخر : فهو التسحّر الأحمر المودع في الخيال والتصوير المستور في الحقّ بحجب الباطل ، والتزوير هو معراج الخسران وصراط الشيطان إلى مستوى الخذلان كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، فينقلب النور ناراً والقرار بَواراً ، فإن أخذ الله يده وأخرجه بلطفه بما أيّده جاز منه إلى المعراج الثاني فوجد الله تعالى عنده ، فعلم مأوى الحقّ ومآبه ، وتميّز في مقعد الصدق عن الطريق الباطل ومن يذهب ذهابه ، وأحكم الأمر الإلهي فوفّاه حسابه .. وإن أهمل انهلك في ذلك النار وترك على ذلك الفرار وطفح ناره على ثياب طباعه فأكلها ، ثم طلع دخانه إلى مشامّ روحه الأعلى فقتلها ، فلا يهتدي بعدها إلى الصواب ولا يفهم معنى اُمّ الكتاب ، بل كلّ ما يلقيه إليه من معاني الجمال أو من تنوّعات الكمال يذهب به إلى ضيع الضلال ، فيخرج به على صورة ما عنده من المحال ، فلا يمكن أن يرجع إلى الحقّ ..
اعلم أنّ الله خلق الفكر المحمّدي من نور اسمه الهادي الرشيد ، وتجلّى عليه بإسميه : المبدئ والمعيد ، ثم نظر إليه بعين الباعث الشهيد ،