البناء ليوم كامل ستمائة فلس «١٢ درهم» .. أمّا ولدا خالتي الصغرى فاستمرّا طويلاً في العمل لحاجة عائلتهم الملحّة إلى المال حيث دخل زوج خالتي محدود مع كثرة العيال ..
المرحومة خالتي الصغرى رحمها الله كانت جمرة من الحنان والطيب والحبّ ، نحبّها حبّاً لا يوصف ، وهي ملاذنا ومقرّ فرارنا إذا آذينا والدتنا ، ورغم كلّ وكاحتنا ولعبنا في طابق بيتهم العلوي لكنّها كانت تستقبلنا كلّ مرّة بلهفة وشوق ولا تبخل علينا بالأكل والشرب رغم ظروفهم المادّيّة السيّئة .. كنّا ولازلنا نحبّ أولاد وبنات خالتي حبّاً كبيراً ، حبّ اُخوّة واحترام ، وهم أهلٌ لذلك ، أمّا ابن خالتي الثالث فهو صديقي المقرّب الذي كنت أغبطه وربما أحسده لدماثة خلقه وهدوئه وذكائه وظرافته ..
تنقّل أخي الأكبر ـ بعد خروجه من السجن السياسي وزواجه ـ من عمل إلى آخر ، منها : «مطعم الرصيف» ، فبحلول الغروب تنصب في الشارع الطاولة ومعدّات الطعام والطبّاخ لقلي وتسخين الأكلات التي اُعدّت مسبقاً في البيت ; حيث يتحوّل بيتنا كلّ يوم إلى ورشة طبخ لمختلف الأكلات ، والدتي وزوجته تقومان بالجهد الأكبر ولاسيّما «كبّة البرغل الموصليّة» الصعبة الإعداد جدّاً ، فكانت والدتي تجيدها بشكل كبير ، وكذا الكبّة العاديّة والبورگ واللحم ...
نعم ، في التقاطع المؤدّي إلى مسجد الحاج غالب شمالاً وشارع