أعماقي مطلقاً ، وسأبقى مديناً عاشقاً مشعراً بالتقصير والندم والخجل والألم تجاه اُمٍّ هي الأغلى رغم كلّ شيء ..
لا أنسى «رؤوف داني» حين كان يحمل ابنته الصغيرة الجميلة «إيمان» على يديه ميتةً إثر صعقة كهربائيّة ، وموت «خالد مهدي» قريني في العمر تقريباً إثر دهس سيّارة له في شارعنا ، ومشاهدة عزاء النساء وكيف يفعلن بأنفسهنّ بوفاة عزيز عليهنّ ، وانتشار خبر محاولة والد فلان الدخول بزوجة ولده ليلة الزفاف ، وقيادة هاشم ساچت السيّارة بسرعة في شارعنا وهو لا يجيد السياقة أبداً حتى أوقوفها بالكاد ، و «الدوح» الذي كان يصيب «بمصيادته» بدقّة أعقاب السجائر من على بعد ومسافة كبيرة ، وذاك الذي لا يتأبّى عن أكل كلّ شيء حتى «الذباب» ، وبشارتي لأخي بولادة ابنته ووعده لي بخمسين فلساً بعنوان «البشارة» لكنّه دفع لي نصفها فقط ، وركضي مسرعاً تحت زخّات المطر إلى بيت العم كي تأتي زوجته الحاجة إلينا ، حيث زوجة أخي قد جاءها المخاض ، ومواكب «المشق» التي ترد على بيت العم ليلة العاشر لتقيم المراسم التي يصحبها عادةً توزيع الحلويات لتسهم في تحريك الدم في الجسم استعداداً للتطبير صبيحة يوم العاشر ، وذلك المسجد المهجور في شارعنا حيث لم يعد يسمع منه صوت الأذان ، وموت الشيخ نور والضجّة والحزن والعزاء التي أحدثتها وفاته ...
كلّها وغيرها أحداث ومواقف لا تغيب عن الذاكرة ..