واللعب والمرح وتنوّع الأكل والشرب ، لها طعمها ومذاقها الخاصّ ، وكنّا نجمع العيديّات ، وتبقى في الذاكرة العيديّة الخشنة الدسمة منها ، وكان زوج الخالة الصغرى ـ رغم فقره المادّي ـ يعطينا «العيديّة الأكثر» .. أمّا الحذاء والملابس الجديدة فإنّها جاهزة بأكملها ليلة العيد وموضوعة إلى جانب فراش النوم .. وكان الكباب وشربت الزبيب إفطار صباح العيد المفضّل ..
كنت ولازلت مولعاً شغفاً بحبّ والدتي ، ولطالما اعتبرتها الشخص الوحيد الذي يحبّني في هذا العالم ، كيف لا نحبّ الاُم التي أوقفت عمرها وحياتها وعافيتها وما لديها في سبيل راحة فلذّات كبدها ، ولاسيّما أنّها فقدت ثمانية أبناء نتيجة ظروف التخلّف العلمي والصحّي والثقافي ، فلم يسلم لها سوى أربعة أولاد وبنت واحدة هي اُختي صغيرتنا ومدلّلة الوالدين ، وكان بيني وبينها فاصلة السنتين أو الثلاث ، وهي مسالمة غير مشاكسة ، ولطالما آذيتها لكونها وُلِدَت بعدي مباشرةً ، فالحسّاسيّة طبيعيّة هنا ..
وليس في حساباتي أبداً أن لا توزّع اُمّي حبّها على أبنائها بالتساوي ، وحينما اُبعِدْنا من العراق إلى إيران عام ١٩٨٠ م وفضّلت هي البقاء في العراق ، بقي حبّها مهيمناً على قلوبنا وجلسنا نعدّ الساعات والأيّام للقياها ، وحينما حانت لحظة اللقاء في شقلاوة شمال العراق عام ١٩٩٢ م فقدتُ القدرة على الوقوف ولم أتمالك مشاعري ، فأنا عازم على احتضان اُمٍّ غالية فارقتها اثني عشر عامّاً ، إنّها لحظة خالدة لا تغادر