أنكر جهود زوجة عمّي المرحوم التي رافقت والدتي وكانت خير مرافق ومعين لها ..
قصدت الوالدة ديار بيت الله الحرام لأداء مناسك الحجّ عام ١٩٦٧ م ، شعرت أثناء سفرها بوحشة وغربة كبيرتين ، ولم أتلقّ الحنان المطلوب من أخي الأكبر الذي كان شديداً معنا ، على خلاف زوجته التي عوّضت بعض الشيء عن والدتي خلال غيابها .. ويوم عودة الوالدة من سفر الحجّ كان عرساً وعيداً لنا فخرجنا لاستقبالها خارج المدينة ، وما إن وقعت عينيها علينا وإذا بالحافلة تنغرس في الوحل! كنّا نقرأ وننشد ابتهاجاً بقدومها الميمون ، ومن جملة ما أتذكّره ما كانت تقرأه بنت العمّ : خضّر عودنه اليابس من سنين ، خضّر عودنه وساوى البساتين ، فرحنه واليحبنه يفرح ويانه ، هذا أوّل فرح شفناه بدنيانه ... ولم نطق صبراً على فتح الحقائب ، إذ كانوا يقولون لنا : فتح الحقائب لا يحصل إلاّ بعد ثلاثة أيّام من رجوع الحاج!! لكنّا في الليلة الاُولى أخذ كلّ واحد منّا سهمه من صوغة مكّة التي يتمنّاها كلّ واحد إلى الآن ، ومن جملة صوغتي رشّاشة كبيرة جميلة تطلق الشرر والنور عند الضغط على زنادها ..
لازلت أتذكّر لمحات خاطفة من بيتنا الواقع في ذلك الزقاق الضيّق حيث أشتاق فيه إلى اُمّ رشيد «حياة» التي قيل : إنّها أرضعتني رضاعاً شرعيّاً ، فأبناؤها إخواني بالرضاعة ..
وللعيد نكهة خاصّة ، فالملابس الجديدة والعيديّة وزيارة الأقرباء