أقتفي أثر إطارات السيّارات الذي كانت تتركه بعد مرورها على الطرقات والشوارع غير المعبّدة نوعاً ، اقتفاءَ إعجاب وأماني لا تبلغ مستوى الحلم وجماله فكيف بالواقع؟!
شارعنا في محلّة الجامع رغم صغره النسبي كان يجمع ـ اُسوةً بغيره ـ شتّى صنوف الناس بانتماءاتهم ومستوياتهم وتوجّهاتهم ، ففيه التاجر والمعلّم والسائق والموظّف والعاطل ... وبجوارنا على الجهة اليمنى كان بيت الشيخ نور ، تلك الشخصيّة الدينيّة ذات المكانة والاعتبار الكبيرين في المحافظة ، ومقابلنا فرعٌ ضيّق فيه بيت أو بيتان أحدهما بيت السيّد نعمة القصّاب والد المطرب المشهور حسين نعمة ، حسين نعمة الموسوي الذي كان يقرأ ويجوّد القرآن انتهى به المطاف إلى فضاءات الفنّ والغناء!!
هناك فرعٌ يربط بين شارعنا والسوق «الخرابة» كنّا لا نجرأ على دخوله ; لوجود «سنيّة الخنّاقة» التي ما إن تمسك بنا فإنّها تعرّض حياتنا للخطر! هكذا ألقوا في قلوبنا الرعب من هذه المرأة المسكينة المصابة كما يبدو بمرض أعصاب ، وهي تنتمي إلى اُسرة محترمة أبعدها النظام السابق إلى إيران بحجّة التبعيّة الإيرانيّة ..
في بيت «الشيخ نور» شجرة نبق ضخمة وكانت ابنته الطيّبة الخيّرة لا تسمح لأحد بالدخول إلى ساحة بيتهم والاقتطاف منها وصيد العصافير إلاّ لنا أنا وإخواني ، كونها تعزّ والدتي كثيراً وتحترم عائلتنا .. كما كانت تهيّئ لي ولأخي الثاني أحياناً طريق الفرار من يد أخينا الأكبر إذا أردنا